نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 103
فإذا لم يمكن ذلك في الدّنيا طلبنا ما هو
الأشبه بعدم الوصفين و أبعد عن الطرفين و هو الوسط، فإنّ الفاتر لا حارّ و لا بارد
و هو وسط بينهما كأنّه خال عن الوصفين فكذلك السخاء بين التبذير و التقتير و
الشجاعة بين الجبن و التهوّر، و العفّة بين الشره و الخمود، و كذلك سائر الأخلاق،
فكلا طرفي قصد الأمور ذميم فهذا هو المطلوب و هو ممكن جدّا، نعم يجب على الشيخ
المرشد للمريد أن يقبّح عنده الغضب رأسا و يذمّ إمساك المال رأسا و لا يرخّص له في
شيء من ذلك لأنّه لو رخّص له في أدنى شيء منه اتّخذ ذلك عذرا في استيفاء بخله و
غضبه، و ظنّ أنّه القدر المرخّص فيه فإذا قصد قلع الأصل و بالغ فيه لم يتيسّر له
إلّا كسر سورته بحيث يعود إلى الاعتدال، فالصّواب له أن يطلب قلع الأصل حتّى
يتيسّر له القدر المقصود، و لا يكشف هذا السّر للمريد فإنّه موضع غرور الحمقى إذ
يظنّ بنفسه أنّ غضبه بحقّ و أنّ إمساكه بحقّ.
(بيان السبب الذي به ينال حسن الخلق على
الجملة)
قد عرفت أنّ حسن الخلق يرجع إلى اعتدال قوّة
العقل بكمال الحكمة و إلى اعتدال قوّة الغضب و الشهوة و كونهما مطيعين للعقل و
الشرع، و هذا الاعتدال يحصل على وجهين أحدهما بجود إلهى و كمال فطريّ بحيث يخلق
الإنسان و يولد كامل العقل، حسن الخلق، قد كفى سلطان الشهوة و الغضب، بل خلقتا
معتدلتين منقادتين للعقل و الشرع، فيصير بغير معلّم عالما و بغير مؤدّب متأدّبا
كعيسى و يحيى عليهما السّلام و كذا سائر الأنبياء عليهم السّلام، و لا يبعد أن
يكون في الطبع و الفطرة ما قد ينال بالاكتساب فربّ صبيّ يخلق صادق اللّهجة سخيّا
جريّا، و ربما يخلق بخلافه فيحصل ذلك فيه بالتعوّد و مخالطة المتخلّقين بهذه
الأخلاق، و ربما يحصل بالتعلّم و الوجه الثاني لاكتساب هذه الأخلاق المجاهدة و
الرياضة، و أعني بها حمل النفس على الأعمال الّتي يقتضيها الخلق المطلوب و من أراد
مثلا أن يحصل لنفسه خلق الجود فطريقه أن يتكلّف تعاطى فعل الجواد و هو بذل المال
فلا يزال يواظب عليه
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 103