نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 30
القوّة النزوعيّة إذا خرجت
عن حكم العقل، و هذا كلّه إنّما يتمّ مع التوجّه التامّ إلى اللّه تعالى و ملاحظة
جلاله الّذي هو الذكر الأكبر و الكثير[1]على ما ورد في بعض تفسيراته فضلا عن أن
يكون ذكرا مطلقا و إذا كان الاستعداد بهذه المثابة لا جرم وجب الاهتمام به زيادة
على غيرها من الصلوات و التهيؤ و الاستعداد للقاء اللّه و الوقوف بين يديه في
الوقت الشريف و النوع الشريف من العبادة، و أحضر ببالك أن لو أمرك ملك عظيم من
ملوك الدّنيا بالمثول في حضرته و الفوز بمخاطبته في وقت معيّن أما كنت تتأهّب له
بتمام الاستعداد و التهيئة و السكينة و الوقار و التنظيف و التطيّب و غير ذلك مما
يليق بحال الملك، و من هنا جاء استحباب الغسل يوم الجمعة و التنظف و التطيّب و
التعمّم و حلق الرأس و قصّ الشارب و الأظفار و غير ذلك من السنن، فبادر عند دخول
الجمعة إلى ذلك بقلب مقبل صاف، و عمل مخلص، و قصد متقرّب و نيّة خالصة كما تعمل
ذلك في لقاء ملك الدّنيا إن لم تعظم همّتك عن ذلك و لا تقصد بهذه الوظائف حظّك من
الرفاهية و مطلب نفسك من الطيب و الزينة فتخسر صفقتك و تظهر بعد ذلك حسرتك، و
كلّما أمكنك تكثير المطالب الّتي يترتّب عليها الثواب بعملك فاقصدها يضاعف ثواب
عملك بسبب قصدها، فانو بالغسل يوم الجمعة سنّة الجمعة و التوبة و دخول المسجد، و
بالثياب الحسنة و الطيب سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تعظيم
المسجد و احترام بيت اللّه تعالى، فلا يحبّ أن تدخله زائرا له إلّا طيّب الرائحة و
أن يقصد به أيضا ترويح جيرانه ليستريحوا في المسجد عند مجاورته، و يقصد به دفع
الرّوايح الكريهة عن نفسه حسما لباب الغيبة عن المغتابين إذ اغتابوه بالرّوائح
الكريهة فيعصون اللّه بسببه، فقد قيل: إن من تعرّض للغيبة و هو قادر على الاحتراز
منها فهو شريك في تلك المعصية كما أشار إليه تعالى بقوله:
«وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ
عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ[1]»، و إذا حضرت للصلاة فأحضر قلبك فهم مواقع الموعظة و استعدّ لتلقيّ
الأوامر و النواهي على وجهها، فإنّ ذلك هو الغرض الأقصى من الخطبة و الخطيب و
المنبر و استماع الناس و تحريم الكلام خلالها و وجوب الإصغاء إليها فأعط كلّ ذي
حقّ من ذلك حقّه عسى أن تكون من المكتوبين في ديوان الملائكة المقرّبين الّذين