نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 248
و قال أيضا: و قد سألوه
عن حالة لحقته في الصلاة حتّى خرّ مغشيّا عليه فلمّا سري عنه قيل له في ذلك، فقال:
ما زلت اردّد الآية على قلبي و على سمعي حتّى سمعتها من المتكلّم بها فلم يثبت
جسمي لمعاينة قدرته، و في مثل هذه الدّرجة تعظم الحلاوة و لذّة المناجاة و لذلك
قال بعض الحكماء: كنت أقرأ القرآن فلا أجد له حلاوة حتّى تلوته كأنّي أسمعه من
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يتلوه على أصحابه، ثمّ رفعت إلى مقام
فوقه فكنت أتلوه كأنّي أسمعه من جبرئيل عليه السّلام يلقيه على رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم، ثمّ جاء اللّه تعالى بمنزلة أخرى فأنا الآن أسمعه من
المتكلّم به فعندها وجدت له لذّة و نعيما لا أصبر عنه.
و قال حذيفة: لو طهرت
القلوب لم تشبع من قراءة القرآن و ذلك لأنّها بالطهارة يترقّى إلى مشاهدة المتكلّم
في الكلام و لذلك قال ثابت البنانيّ: كابدت القرآن عشرين سنة و تنعّمت به عشرين
سنة، و بمشاهدة المتكلّم دون ما سواه يكون العبد ممتثلا لقوله تعالى: «فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ»[1] و لقوله: «وَ لا تَجْعَلُوا
مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ[2]» فمن لم يره في كلّ شيء فقد رأى غيره، و كلّ ما التفت إليه العبد
تضمّن التفاته شيئا من الشرك الخفيّ، بل التوحيد الخالص أن لا يرى في كلّ شيء
إلّا اللّه.
العاشر التبرّي
و أعني به أنّه يتبرّى
عن حوله و قوّته و الالتفات إلى نفسه بعين الرّضا و التزكية فإذا تلا آيات الوعد و
المدح للصالحين فلا يشهد نفسه عند ذلك بل يشهد الموقنين و الصدّيقين فيها و يتشوّق
أن يلحقه اللّه بهم، و إذا تلا آية المقت و ذمّ العصاة و المقصّرين شهد نفسه هناك
و قدّر أنّه المخاطب خوفا و إشفاقا».
(1) أقول: و إلى هذا أشار
أمير المؤمنين عليه السّلام في الخطبة الّتي يصف فيها المتّقين بقوله:
«إذا مرّوا بآية فيها
تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، و ظنّوا أنّ زفير جهنّم في آذانهم[3]».
قال أبو حامد: «فإذا رأى
نفسه بصورة التقصير في القراءة كان رؤيته سبب قربه فإنّ من شهد البعد في القرب لطف
له بالخوف حتّى يسوقه إلى درجة أخرى في القرب