نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 249
وراءها و من شهد القرب
في البعد مكر به بالأمن الّذي يفضيه إلى درجة أخرى في البعد أسفل ممّا هو فيه، و
مهما كان شاهدا نفسه بعين الرضا صار محجوبا بنفسه و إذا جاوز حدّ الالتفات إلى
نفسه و لم يشاهد إلّا اللّه في قراءته انكشف له الملكوت بحسب أحواله، فحيث يتلو
آيات الرجاء[1]و يغلب على حاله الاستبشار ينكشف له صورة الجنّة فيشاهدها كأنّه
يراها عيانا، و إن غلب عليه الخوف كوشف بالنّار حتّى يرى أنواع عذابها و ذلك لأنّ
كلام اللّه يشتمل على السهل اللّطيف و الشديد العسوف و المرجوّ و المخوف و ذلك
بحسب أوصافه إذ منها الرّحمة و اللّطف و الانتقام و البطش، فبحسب مشاهدة الكلمات و
الصفات ينقلب القلب في اختلاف الحالات و بحسب كلّ حالة منها يستعدّ للمكاشفة بأمر يناسب
تلك الحالة و يقاربها إذ يستحيل أن يكون حال المستمع واحدا و المسموع مختلف إذ فيه
كلام راض، و كلام غضبان و كلام منعم، و كلام منتقم، و كلام جبّار متكبّر لا يبالي
و كلام حنّان متعطّف لا يهمل».
(فصل) أقول: و روي عن
الصادق عليه السّلام
(1) أنّه قال: «من قرأ
القرآن و لم يخضع له و لم يرقّ قلبه و لم ينشئ حزنا و وجلا في سرّه فقد استهان
بعظم شأن اللّه و خسر خسرانا مبينا، فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء: قلب خاشع
و بدن فارغ و موضع خال، فإذا خشع للَّه قلبه فرّ منه الشيطان الرجيم قال اللّه
تعالى: «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ
الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ»[1]
و إذا تفرّغ نفسه من الأسباب تجرّد قلبه للقراءة فلا يعترضه عارض فيحرمه نور
القرآن و فوائده، و إذا اتّخذ مجلسا خاليا و اعتزل من الخلق بعد أن أتى بالخصلتين
الاوليين استأنس روحه و سرّه باللّه و وجد حلاوة مخاطبات اللّه عباده الصالحين و
علم لطفه بهم و مقام اختصاصه لهم بقبول كراماته و بدائع إشاراته، فإذا شرب كأسا من
هذا المشرب حينئذ لا يختار على ذلك الحال حالا و لا على ذلك الوقت وقتا بل يؤثره
على كلّ طاعة