و قام تميم الدّاري ليلة
بهذه الآية «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ- الآية-»[2] و قام سعيد بن جبير ليلة يردّد هذه الآية
«وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ»[3].
و قال بعضهم: إنّي
لأفتتح السورة فتوقفني بعض ما أشهد فيها عن الفراغ منها حتّى يطلع الفجر.
و كان بعضهم يقول: كلّ
آية لا أتفهّمها و لا يكون قلبي فيها لا أعدّ لها ثوابا.
و حكي عن أبي سليمان الدّاراني
أنّه قال: إنّي لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال و خمس ليال و لو لا أنّي أقطع
الفكر فيها ما جاوزتها إلى غيرها.
و عن بعض السلف أنّه بقي
في سورة هود ستّة أشهر يكرّرها و لا يفرغ من التدبّر فيها.
و قال بعض العارفين: لي
في كلّ جمعة ختمة، و في كلّ شهر ختمة، و في كلّ سنة ختمة، و لي ختمة منذ ثلاثين
سنة ما فرغت منها بعد، و ذلك بحسب درجات تدبّره و تفتيشه، و كان هذا يقول: أقمت
نفسي مقام الاجراء فأنا أعمل مياومة و مسابعة و مشاهرة و مسانهة[1].
الخامس التفهّم
و هو أن يستوضح من كلّ
آية ما يليق بها إذ القرآن يشتمل على ذكر صفات اللّه و ذكر أفعاله و ذكر أحوال
أنبيائه عليهم السّلام و ذكر أحوال المكذّبين لهم، و أنّهم كيف أهلكوا، و ذكر
أوامره و زواجره، و ذكر الجنّة و النار، أمّا صفات اللّه فكقوله تعالى: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ»[4] و كقوله:
«الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ
الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ»[5] فليتأمّل معاني هذه الأسماء و الصفات
[1] ياومه يواما و
مياومة: عامله بالايام. و سابعه مسابعة و سباعا عامله بالاسبوع.
و في بعض النسخ [و
مجامعة] بمعناه- من الجمعة- و شاهره شهارا: استاجره بالشهر. و سانهه مسانهة عامله
بالسنة كساناه.
[1] المائدة: 118 و
الخبر أخرجه ابن ماجه تحت رقم 1350.