نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 198
اقتضت حكمة اللّه تعالى
ربط نجاة الخلق بأن يكون أعمالهم على خلاف هوى و أن يكون زمامها بيد الشرع
فيتردّدون في أعمالهم على سنن الانقياد و على مقتضى الاستعباد كان ما لا يهتدي إلى
معانيه أبلغ أنواع التعبّدات في تزكية النفوس و صرفها عن مقتضى الطبع و الأخلاق
إلى مقتضى الاسترقاق، و إذا تفطّنت لهذا فهمت أنّ تعجّب النفوس من هذه الأفعال
العجيبة مصدره الذّهول عن أسرار التعبّدات و هذا القدر كاف في تفهيم أصل الحجّ.
و أما الشوق
فإنّما ينبعث بعد الفهم
و التحقّق بأنّ البيت بيت اللّه و أنّه وضع على مثال حضرة الملوك فقاصده قاصد إلى
اللّه تعالى و زائر له، و أنّ من قصد البيت في الدنيا جدير بأن لا يضيّع زيارته
فيرزق مقصود الزيارة في ميعاده المضروب له و هو النظر إلى وجه اللّه الكريم و
الفوز بلقائه سبحانه، فالشوق إلى لقاء اللّه مشوّقه إلى أسباب اللّقاء لا محالة،
هذا مع أنّ المحبّ يشتاق إلى كلّ ماله إلى محبوبه إضافة و البيت مضاف إلى اللّه
فبالحريّ أن يشتاق إليه بمجرّد هذه الإضافة فضلا عن الطلب لنيل ما وعد عليه من
الثواب الجزيل».
(1) أقول: لا تفهمنّ من
لفظة النظر إلى وجه اللّه سبحانه حيث ما قيل في الكتاب و السنّة و غيرهما النظر
بعين الرأس و إلى الوجه كالوجوه- تعالى اللّه عن ذلك- بل له معنى آخر يعرفه
الرّاسخون في العلم. قال:
«و أما العزم
فليعلم أنّه بعزمه قاصد
إلى مفارقة الأهل و الوطن و مهاجرة الشهوات و اللّذات، متوجّها إلى زيارة بيت
اللّه تعالى فليعظم في نفسه قدر البيت و قدر ربّ البيت و ليعلم أنّه عزم على أمر
رفيع شأنه خطير أمره، و أنّ من طلب عظيما خاطر العظيم و ليجعل عزمه خالصا لوجه
اللّه بعيدا عن شوائب الرياء و السمعة و ليتحقّق أنّه لا يقبل من قصده و عمله إلّا
الخالص و أنّ من أفحش الفواحش أن يقصد بيت الملك و حرمه و المقصود غيره فليصحّح مع
نفسه العزم و تصحيحه بإخلاصه و إخلاصه باجتناب كلّ ما فيه رياء و سمعة و ليحذر أن
يستبدل الّذي هو أدنى بالّذي هو خير.
و أما قطع العلائق
فمعناه ردّ المظالم و
التوبة الخالصة للَّه تعالى عن جميع المعاصي
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 198