نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 125
قيل: لو لم يكن في الصوم
إلّا الارتقاء من حضيض حظوظ النفس البهيميّة إلى ذروة التشبّه بالملائكة
الرّوحانيّة لكفى به فضلا و منقبة.
[معنى قوله الصوم
للَّه]
قال أبو حامد: «إنّما
كان الصوم للَّه و مشرّفا بالنسبة إليه و إن كانت العبادات كلّها له كما شرّف
البيت بالنسبة إليه و الأرض كلّها له لمعنيين: أحدهما أنّ الصوم كفّ و ترك و هو في
نفسه سرّ ليس فيه عمل يشاهد فجميع الطاعات بمشهد من الخلق و مرأى و الصوم لا يعلمه
إلّا اللّه تعالى فإنّه عمل في الباطن بالصبر المجرّد، و الثاني أنّه قهر لعدوّ
اللّه فإنّ وسيلة الشيطان لعنه اللّه الشهوات، و إنّما يقوي الشهوات بالأكل و
الشرب و لذلك قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّ الشيطان ليجري من ابن آدم
مجرى الدّم فضيّقوا مجاريه بالجوع[1]» و سيأتي فضائل الجوع في كتاب كسر الشهوتين من ربع المهلكات،
فلمّا كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان و سدّا لمسالكه و تضييقا لمجاريه استحقّ
التخصيص بالنسبة إلى اللّه ففي قمع عدوّ اللّه نصرة للَّه و نصرة اللّه للعبد
موقوفة على النصرة له قال اللّه: «إِنْ تَنْصُرُوا
اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ[2]» فالبداية بالجهد من العبد و الجزاء بالهداية من اللّه و لذلك قال: «وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا[3]»
و قال: « «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما
بِأَنْفُسِهِمْ[4]»
و إنّما التغيير بكسر الشهوات، فهي مرتع الشياطين و مرعاهم فما دامت مخصبة[1]لم
ينقطع تردّدهم و ما داموا يتردّدون فلا ينكشف للعبد جلال اللّه و كان محجوبا عن
لقائه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لو لا أنّ الشياطين يحومون
على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء[2]» فمن هذا الوجه صار الصوم باب
العبادة و صار جنّة فإذا عظمت فضيلته إلى هذا الحدّ فلا بدّ من بيان شروطه و ذكر
أركانه و آدابه و سننه الظاهرة و الباطنة و نبيّن ذلك بثلاثة أبواب: