نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 56
الإسلام معتذرا بأنّه
قال ذلك من خوف السيف، بل يحكم الفقيه بصحّة «الإسلام تحت ظلال السيوف» مع أنّه
يعلم أنّ السيف لم يكشف له عن شبهة، و لم يرفع عن قلبه غشاوة الجهل و الحيرة، و
لكنّه مشفق من صاحب السيف فإنّ السيف ممتدّ إلى رقبته.
و اليد ممتدّة إلى ماله،
و هذه الكلمة باللّسان تعصم رقبته و ماله ما دامت له رقبة و مال و ذلك في الدّنيا
و لذلك قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا
إله إلّا اللّه فإذا قالوها فقد عصموا منّي دماءهم و أموالهم[1]» جعل أثر ذلك في الدّم و المال، و
أمّا الآخرة فلا ينفع فيها الأقوال بل ينفع فيها أنوار القلوب و أسرارها و أخلاقها
و ليس ذلك من فنّ الفقيه و إن خاض فيه الفقيه كان كما لو خاض في الكلام أو الطبّ و
كان خارجا من فنّه، و أمّا الصلاة فالفقيه يفتي بالصحّة إذا أتى بصورة الأعمال مع
ظاهر الشروط، و إن كان غافلا في جميع صلاته من أوّلها إلى آخرها، مشغولا بالتفكّر
في حساب معاملاته في السوق إلّا عند التكبير و هذه الصلاة لا تنفع في الآخرة كثير
نفع كما أنّ القول باللّسان في الإسلام لا ينفع و لكنّ الفقيه يفتي بالصحّة أي أنّ
ما فعله حصل به امتثال صيغة الأمر و انقطع به عنه القتل أو التعزير، و أمّا الخشوع
و إحضار القلب الّذي هو عمل الآخرة و به ينفع العمل الظاهر لا يتعرّض له الفقيه و
لو تعرّض له لكان خارجا عن فنّه».
(1) أقول: فإن قلت:
الفقيه يجعل النيّة شرطا في صحّة الصلاة و يحكم ببطلانها إذا خلت عنها و النيّة
أمر قلبيّ فقد تجاوز نظره في الصلاة من الدّنيا إلى الآخرة، قلت: النيّة في
الحقيقة ما يبعث المكلّف على الفعل و يحمله على الإتيان به كما يأتي تحقيقه في ربع
المنجيات و ذلك أمر لا يخلو عنه فاعل ذو شعور يصدر عنه فعل فلا يصحّ أن يتعلّق به
التكليف لخروجه عن الاختيار و لهذا قال بعض علمائنا: لو كلّف اللّه بإيقاع
العبادات من دون نيّة لكان تكليفا بما لا يطاق، و إنّما يتعلّق التكليف بعوارضها و
خصوصيّاتها من الإخلاص و الرياء و نحوهما ممّا يبحث عنه في علم الأخلاق و هو من
[1] أخرجه أبو داود في
سننه كتاب الجهاد ج 2 ص 41 و في التاج الجامع للاصول ج 4 ص 325 عن البخاري و مسلم
و الترمذي و النسائي.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 56