نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 192
إلى استخراجها من الشجر و
الحراق و الأحجار، و هذا مثال يعرف أهل الإنصاف أنّه حقّ و صحيح و ما يحتاج إلى
زيادة استكشاف و كان مثالهم مع المتعلّم منهم و مثاله معهم أيضا كمثل إنسان كان
بين يديه شمعة مضيئة إضاءة باهرة فأخذها استاده من بين يديه و أبعدها عنه مسافة
بعيدة كثيرة الحوائل و الموانع من النظر إلى تلك الشمعة الّتي كانت حاضرة و قال
له: تجهّز للسفر بالزّاد و الرّفقاء و العدّة و الأدلاّء حتّى تسل إلى معرفة تلك
الشمعة و تنظر حقيقة ما هي عليه من الضّياء فقبل ذلك الغرّ المتعرّف من ذلك
الأستاذ المتكلّف و سافر مدّة من الأوقات فتارة يرى جبالا و عقبات فلا يظهر له من
حديث الشمعة كثير و لا قليل و تارة يرى ضوءا فيقول: لعلّه ضوء تلك الشمعة و يستنجد
بمساعدة الرفيق و الدّليل فان عجز من تمام المسافة و قطع الطريق بما يرى فيها من
العقبات و التطويل و التضييق هلك المسكين و رجع خاسرا للدّنيا و الدّين.
فأوصيك يا ولدي و من بلغه
كتابي هذا ممّن يعلّم المسترشدين إلى معرفة ربّ العالمين أن يقوّي ما عندهم في
الفطرة الأوّليّة بالتنبيهات العقليّة و القرآنيّة و الهدايات الالهيّة و النبويّة
و يقول للمسترشد: إنّما تحتاج إلى معرفة صفات هذا المؤثّر و الصانع و يثبت صفاته
عنده بأسهل ما يريد منه مولاه جلّ جلاله من تكليفه بتدبير صاحب الشرائع السليم من
القواطع، ثمّ سلك به سبيل معرفة النبوّة و الإمامة على قاعدة تعريف النبيّ و
الأئمّة عليهم السّلام و من سلك سبيلهم من أهل الاستقامة فهذا كان كافيا لمن يريد
تحصيل السلامة و السعادة يوم القيامة.
و أمّا حفظ الألفاظ
الحادثة بين المتكلّمين و ما ذكروه من صفات المتجادلين فهو شغل من فرغ من فروض
اللّه جلّ جلاله المتعيّنة المتضيّقة عليه و يريد أن يخدم اللّه جلّ جلاله خالصا
لوجهه بالردّ على أهل الضلال من الأمم الحائلة بين العباد و بين المعرفة و الوصول
إليه و يكون حامل هذا العلم العريض العميق لازما سبيل التوفيق و يناظر مخالفيه
مناظرة الرحيم الشفيق حتّى يسلم من خطر الطريق و إلّا فهو هالك على التحقيق.
أقول: و تمام الكلام في
مضرّة علم الكلام و منفعته و تحقيق الأمر فيه يأتي في الباب السابع إن شاء اللّه
تعالى.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 192