نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 191
بل لا يزال غالب حاله يخبط
خبط عشواء في أدلّتهم و معارضتها بشبهات احتمالات الأهواء حتّى يتمحّض اجتهاده عن
رجحان ظنّ أو اعتقاد ضعيف و متى عرض له طعن قويّ أعاد ذلك الطعن إلى الاستدلال و
التكشّف فتراه متردّدا في العقائد بين ساكن و عائد، فإلى أن يموت لعلّه يجوّز حدوث
القوادح و قد كان له قبل ذلك التعليم لسكونه إلى المعرفة جملة اعتقاد قويّ راجح و
كان آمنا من تجدّد المطاعن و المعارضات و القوادح، ثمّ قال: إنّني وجدت مثال شيوخ
المعتزلة و مثال الأنبياء عليهم السّلام مثل رجل أراد أن يعرّف غيره أنّ في الدنيا
نارا موجودة و ذلك الرّجل الّذي يريد أن يعرف وجودها قد رأي النّار في داره و في
البلاد ظاهرة كثيرة بين العباد ما يحتاج في معرفتها إلى نظر و اجتهاد، فقال له:
إنّك تحتاج في معرفتها إلى إحضار حجر النّار و هو في طريق مكّة لأنّه ليس كلّ حجر
يكون في باطنه نار و تحتاج إلى مقدحة و إلى حراق و أن تكون في موضع سليم من شدّة
الهواء لئلاّ يذهب بالحراق و يطفئ ما يخرج من الحجر من النّار، فاحتاج هذا المسكين
إلى تحصيل هذه الآلات من عدّة جهات و بعدّة توصّلات و لو كان قد قال له من مبدأ
الأمر: هذه النّار الظاهرة بين العباد هي النّار الكامنة في الحجر و الشجر كان قد
عرف وجود النيران على العيان و الوجدان و استغنى عن ترتيب الدلالة و تحصيل
البرهان، و كلّ من عدل في التعريف عن الأمر المكشوف إلى الأمر الخفيّ اللّطيف فهو
حقيق أن يقال له: قد أضلّ و لا يقال: قد هدى و لا قد أحسن فيما استدلّ، قال: و كلّ
عاقل يعلم فيما عاينه من زيادات الأجسام في الإنسان و الشجر و كلّ ما يزداد عظما و
كبرا بين الأنام مثل النطفة الّتي يصير منها إنسان و مثل النواة الّتي سيكون منها
نخلة عظيمة الشأن أنّ هذه الزيادات حادثات بالضرورة فكيف يعدل عن تعريف حدوثها
بمثل هذا التحقيق إلى الحركة و السكون و هما عرضان غير مشاهدين و لا يعرف حقائقهما
و ما يلزم من حدوثهما إلّا بنظر دقيق و قطع عقبات قليلة التوفيق- إلى أن قال-:
فأشار الأنبياء صلوات اللّه عليهم و الكتب المنزلة عليهم إلى نحو هذه التنبيهات
على هذه الدّلالات الظاهرات، فعدلوا المعتزلة بالخلائق إلى غير تلك الطرائق، و
ضيّقوا عليهم سبيل الحقائق كما عدل من أراد تعريف حقيقة النّار المعلومة بالاضطرار
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 191