لا يدخل عليهم البتّة ما
دام يجد إلى الفرار عنهم سبيلا، بل ينبغي أن يحترز عن مخالطتهم و إن جاءوا إليه
فإنّ الدنيا حلوة خضرة و زمامها بأيدي السلاطين و المخالط لهم لا يخلو عن تكلّف في
طلب مرضاتهم و استمالة قلوبهم مع أنّهم ظلمة و يجب على كلّ متديّن الإنكار عليهم و
تضييق صدورهم بإظهار ظلمهم و تقبيح فعلهم، فالداخل عليهم إمّا أن يلتفت إلى
تجمّلهم فيزدري نعمة اللّه عزّ و جلّ عليه أو يسكت عن الإنكار عليهم فيكون مداهنا
أو يتكلّف في كلامه لمرضاتهم و تحسين حالهم، و ذلك هو البهت الصريح أو يطمع في أن
ينال من دنياهم و ذلك هو السحت، و سيأتي في كتاب الحلال و الحرام ما يجوز أن يؤخذ
من أموال السلاطين و ما لا يجوز من الإدرار و الجوائز و غيرها و على الجملة
فمخالطتهم مفتاح لشرور عدّة، و علماء الآخرة طريقهم الاحتياط و قد قال صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم: «من بدا جفا- يعني من سكن البادية- و من اتّبع الصيد غفل، و من
أتى السلطان افتتن»[3].
[1] «اغرب عنى» اى اذهب
و أبعد. السري: السير بالليل و المثل معروف معناه إذا أصبح النائمون و قد رأوا
السارين واصلين إلى مقاصدهم حمدوا سراهم و ندموا نوم أنفسهم، او إذا أصبح السارون
و قد وصلوا إلى ما ساروا إليه حمدوا سراهم و ان كان شاقّا حيث أبلغهم إلى ما قصدوا.
[3] أخرجه الطبراني في
الكبير عن ابن عباس كما في الجامع الصغير و تمام الحديث «من بدا جفا و من اتبع
الصيد غفل و من أتى أبواب السلطان افتتن». و الزيادة في المتن من أبي حامد ذكره
توضيحا.
[1] المجلد الثاني باب
فضل فقراء المسلمين ص 261 تحت رقم 4.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 143