نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 142
و المقتصّ لأثره، قضم
الدنيا قضما[1]و لم يعرها طرفا، أهضم أهل الدنيا كشحا، و أخمصهم من الدنيا بطنا، [2]عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، و علم أنّ اللّه سبحانه أبغض شيئا فأبغضه، و
حقّر شيئا فحقّره، و صغّر شيئا فصغّره، و لو لم يكن فينا إلّا حبّنا ما أبغض اللّه
و رسوله و تعظيمنا ما صغّر اللّه و رسوله لكفى به شقاقا للَّه و محادّة عن أمر
اللّه، و لقد كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل على الأرض و يجلس جلسة العبد،
و يخصف بيده نعله، و يرقع بيده ثوبه، و يركب الحمار العاري و يردف خلفه، و يكون
الستر على باب بيته، فيكون فيه التصاوير فيقول: يا فلانة- لإحدى أزواجه- غيّبيه
عنّي فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا و زخارفها، فأعرض عن الدنيا بقلبه، و أمات
ذكرها من نفسه، و أحبّ أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتّخذ منها رياشا، و لا
يعتقدها قرارا، و لا يرجو فيها مقاما، فأخرجها من النفس، و أشخصها عن القلب، و
غيّبها عن البصر، و كذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه، و أن يذكر عنده، و لقد
كان في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما يدلّك على مساوي الدنيا و
عيوبها إذ جاع فيها مع خاصّته و زويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته، فلينظر ناظر
بعقله أ أكرم اللّه محمّدا بذلك أم أهانه؟ فإن قال: أهانه فقد كذب و [اللّه]
العظيم [و أتى بالإفك العظيم] و إن قال: أكرمه فليعلم أنّ اللّه قد أهان غيره حيث
بسط الدنيا له، و زواها عن أقرب الناس منه فتأسّى متأسّ بنبيّه،[3]و اقتصّ أثره،
و ولج مولجه، و إلّا فلا يأمن الهلكة فإنّ اللّه جعل محمّدا صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم علما للسّاعة، و مبشّرا بالجنّة، و منذرا بالعقوبة، خرج من الدنيا خميصا، و
ورد الآخرة سليما، لم يضع حجرا على حجر حتّى مضى لسبيله و أجاب داعي ربّه، فما
أعظم منّة اللّه عندنا حين
[1] اقتص أثره اى اقتدى
به و اتبعه، و قضم- بالضاد المعجمة كسمع- اى أكل بأطراف أسنانه و قيل: يختص بأكل
اليابس كذلك و التنوين للتقليل و التحقير أي لم يبالغ فيتناول الدنيا بل قنع
بالبلغة و الكفاف.
[2] «لم يعرها طرفا» اى
لم يعطها نظرة على وجه العارية. و الهضم- محركة- انضمام الجنبين و خمص البطن. و
الكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي. و أخمصهم اى اخلاهم.
[3] «فتأسى» خبر يريد
به الطلب اى فليقتد مقتد بنبيه.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 142