يقولونه، كان يجب فيمن
أحسن إلى غيره بضروب[1]
من الإنعام، كتخليصه و تخليص أهله و أولاده من المهالك و أمواله من النهب، ثمّ ندم
على ذلك و أظهر الندامة عليه لغيظ[2] حصل له على ذلك الغير- أن يبطل استحقاقه الشكر منه، و أن يقبح من
ذلك الغير من شكره ما كان يحسن من قبل، و معلوم ضرورة خلاف ذلك.
و أمّا كبر المعصية و
زيادة عقابها على ثواب الطاعة، فغير مزيل للثواب أيضا بما ندلّ عليه من بطلان
التحابط، هذا هو الكلام فيما ادّعوا أنّه يزيل الثواب.
فإن قيل: هلّا جاز أن يزول
استحقاق الثواب بإسقاط مستحقّه، كما يجوز زوال العقاب بعفوه تعالى عن مستحقّه و
إسقاطه عنه.
قلنا: إسقاط الثواب عبث،
إذ لا نفع فيه لمسقطه و لا لمن يسقط عنه، إذ هو تعالى منزّه عن المنافع و المضارّ،
فلا ينتفع بإسقاطه عنه، فعلى هذا هو تعالى ساخط كاره، لإسقاطه فلا يسقط بإسقاط
مستحقّه هذا، كما أنّ أحدنا إذا أبرأ غريمه عن دينه فردّ إبراءه له، فانّه لا يبرأ
ذمّته، و لا يسقط عن ذمّة المدين.
فإن قيل: هلّا جاز من
مستحقّ الثواب هبته و نقله إلى غيره.
قلنا: لا، و ذلك لأنّ
الثواب يستحقّ بطريقة التعظيم و التبجيل، و تعظيم من لا يستحقّه قبيح.
و أمّا الكلام عليهم فيما
ادّعوا كونه مزيلا للعقاب فانّه يجري على هذا النهج، و ذلك بأن يقال: العقاب
المستحقّ لو أزاله شيء سوى العفو، لكان إمّا أن يعلم ذلك ضرورة أو استدلالا، و
دعوى الضرورة غير صحيح بما ذكرناه من قبل. و دعوى الاستدلال باطل أيضا بما نقدح[3] به في استدلالاتهم، ثمّ