و الذي نذهب إليه أنّ
الثواب لا يزيله شيء أصلا و البتة، و أنّ العقاب لا يزيله شيء إلّا العفو من
جهته تعالى إمّا ابتداء أو عند التوبة أو شفاعة النبيّ أو بعض الأئمّة أو أحد من
أهل الشفاعة من المؤمنين.
و إذ قد ذكرنا الخلاف في
هذه المسألة، و الحقّ الصحيح الذي نذهب إليه، فلنذكر الأدلّة، على بطلان ما ذهب
إليه مخالفنا في هذه المسألة و صحّة ما نذهب إليه، فنقول:
إنّ الثواب المستحق لو
أزاله شيء ممّا قالوه لكان لا يخلو من أن يعلم إزالة ذلك المزيل ضرورة أو
استدلالا. و دعوى الضرورة باطل، إذ العلم الضروريّ لا يختصّ ببعض العقلاء دون بعض
مع الاشتراك في طريقه، و نحن لا نعلم ذلك.
و بعد، فليس ادّعاء من
يدّعي أنّ ذلك معلوم ضرورة أولى من ادّعاه من يدّعي عكسه و يقول: إنّى أعلم ضرورة
أنّه لا يزيله شيء، فبطل دعوى الضرورة، و لا شيء يدلّ عليه، فيجب أن يكون باطلا
و هذه الطريقة إنّما تتمّ إذا اعترضنا متمسّكاتهم في ذلك، ثمّ نقول:
أمّا الندم على الطاعة
فانّه معصية يستحقّ عليها العقاب و لكنّه لا يزيل الثواب، إذ لو أزاله لكان لا
يخلو إمّا أن يزيله بطريق الإحباط أو لا بطريق الإحباط.
إن قيل يزيله بطريق
الإحباط كان ذلك مصيرا إلى أنّ المزيل للثواب نوع واحد. و هذا بخلاف مذهبهم، إذ
عندهم أنّ المزيل للثواب اثنان، أحدهما:
الندم على الطاعة، و
الآخر: الكبيرة التي يزداد عقابها على ثواب الطاعة. و على هذا التقدير يصير المزيل
واحدا، ثمّ ما يدلّ[1]
به على بطلان التحابط يبطله.
و إن أزاله لا بطريق الإحباط،
بل من حيث إنّه ندم على الطاعة على ما