نفصّل القول فيه كما
فصّلناه فيما جعلوه مزيلا للثواب و نقول:
أمّا الندم على المعصية
الذي هو توبة، فانّه طاعة يستحقّ بها الثواب. و لكنّه لا يزيل العقاب و جوبا على
ما ذهبوا إليه، إذ لو أزاله لكان لا يخلو من أن يزيله بطريق الإحباط أو لا بطريق
الإحباط: إن أزاله بطريق الإحباط صار المزيلان مزيلا واحدا، و هو بخلاف مذهبهم على
ما قلناه في الندم على الطاعة، و ما يبطل الإحباط يبطله؛ و إن أزاله لا بطريق
الإحباط بل من حيث إنّه ندم على المعصية، لكونها معصية على ما يذهبون إليه، كان
يجب- فيمن أساء إلى غيره ممّن له جاه و حرمة إساءات. كثيرة، بأن ضربه و شتمه و أذهب
ماء وجهه و حرمته ثمّ ندم على ما فعله من تلك الإساءات- أن يبطل استحقاقه الذمّ
عليها و أن يقبح من ذلك المساء إليه و من غيره من العقلاء من ذمّه ما كان يحسن من
قبل، و قد عاندوا و ادّعوا[1] أنّه يبطل استحقاقه الذمّ على تلك الإساءات.
قالوا: من أساء إلى غيره
ثمّ اعتذر إليه و أظهر الندامة على إساءته إليه، فانّه يقبح من المساء إليه بعد
ذلك ذمّه و كذا من غيره. و خلاف هذا معلوم في الصورة التي صوّرناها، إذ من المعلوم
الظاهر: أنّ من فعل ما وصفناه بقاضي البلد ثمّ ندم عليه و اعتذر إليه، فانّه لا
يبطل بذلك استحقاقه الذمّ، و من ادّعى بطلان استحقاقه الذمّ كان معاندا. و إنّما
فرضنا ما فرضناه في القاضي و أمثاله ليكون الكلام أظهر، و يستحيي[2] من النزاع و العناد فيه و إن كان
الكلام في غيره كالكلام فيه في أنّ الندم على الاساءة لا يزيل الذمّ المستحقّ
عليها.
يوضح ما ذكرناه و يبيّنه
أنّ المعتذر إلى من أساء إليه لو ندم بعد ذلك على اعتذاره و أظهر تلك الندامة،
فانّه يحسن من المساء إليه و من غيره العود إلى ذمّه