و أقاربهم و أحبّائهم في
النار معاقبين، فيجب أن يتنغص عيشهم بذلك، لاقتضاء البشريّة ذلك.
و كذلك أهل النار قد
يعلمون كون أولادهم و آبائهم و أمّهاتهم و أقاربهم و احبائهم في الجنّة منعمين،
فيجب أن يسرّوا بذلك، لأنّ البشرية توجب ذلك.
و كذلك إذا رأى ناقص
المنزلة في الثواب من هو أعلى رتبة منه في درجات الثواب بكثير، كالأنبياء و الأئمة
عليهم السلام، وجب أن يلحقه بذلك غيظة[1] و يتكدر به ثوابه.
و كذا إذا رأى ناقص العذاب
من هو أكثر عذابا منه و أسفل منه دركة، كالكفرة و الفراعنة، وجب أن يلحقه بذلك نوع
سرور و راحة، لأنّ مثل ذلك حاصل في الدنيا. فكلّ ما تجيبون به عن ذلك، فهو جوابنا
عمّا تمسّكتم به.
إن قلتم: يصرفهم اللّه
تعالى عن الفكر في ذلك، فقد ذكرناه في. جوابكم.
و إن قلتم: أهل الثواب لا
يتألّمون بشيء من ذلك، لأنّهم يعلمون أنّ ذلك يجري بالاستحقاق و أهل العقاب لا
يسرون أيضا بشيء عن ذلك، لما هم فيه من المضارّ و الاحتراق بالنار، قلنا لكم مثل
ذلك.
تمسّكوا أيضا بأن قالوا:
أجمعت الأمّة على أنّ الكافر يستحقّ بكلّ معصية من معاصيه العقاب الدائم، و لا
يجوز أن يستحقّ ذلك بكفره، لأنّه لو كان كذلك لاستحقّ العقاب على المباحات، لأنّ
مضامّة الكفر للمباح كمضامّته للمعاصي، فإن أثّرت في المعاصي وجب أن يؤثّر في
المباح.
فيقال لهم: الإجماع الذي
ادّعيتموه غير مسلّم، و إنّما المعلوم إجماعهم على أنّ الكافر يستحقّ العقاب
الدائم. فأمّا أنّه يستحقّ ذلك بكلّ معصيته من معاصيه، ففيه النزاع. و لو سلّمنا
ذلك تسليم الجدل كان لنا أن نقول: لا يمتنع