وقوع منكر و قبيح منهما،
بل أنّهما يسمّيان بذلك لما يستنكره المسئول من رؤيتهما[1] خصوصا المعاقب، و ما وصف الملكين السائلين بذلك إلّا كوصف بعض
الملائكة بأنّهم خزنة جهنم و زبانية، و ليس وصفهم بذلك ذمّا و ليس له و لمنكري
عذاب القبر أيضا أن يتمسّكوا بأنّ كثيرا من الأموات قد نبش قبورهم فوجدوا على ما
دفنوا، و أنّ بعضهم ترك حبّات، جاورس على صدر ميّت عند دفنه، ثمّ نبش عنه من الغد
فوجدهما في موضعهما، و ذلك لأنّ ما دل على سؤال القبر و عذابه لم يدلّ على وقتهما
و تعيينه، ثمّ و من الجائز أن يكون ذلك في أوّل ليلة القبر، إلّا أنّه تعالى يمسك
ما يترك و يوضع على الميت في موضعه أو يعيده إليه ليكون سؤال القبر و عذابه
معلومين بالاستدلال بدليل الشرع، لا بالمشاهدة.
و قد استدلّ على ذلك بآيات
في القرآن أيضا، مثل قوله تعالى: «رَبَّنا أَمَتَّنَا
اثْنَتَيْنِ»[2]، و قيل: إنّ الإماتة مرّتين لا يكون
إلّا بالإحياء في القبر، ثمّ الإماتة بعده و الإحياء لا يكون إمّا[3] لإثابة أو معاقبة، قيل: و هذا أولى من
تأويل من يؤوّل الآية على أنّ المراد بإحدى الموتتين خلقهم مواتا، و الثانية
الموتة المعهودة لأنّ خلقهم مواتا لا يقال فيه إماتة.
فإن قيل: إنّ الموت مرّتين
لا بدّ فيهما من إحياء ثلاث مرّات.
قيل: قد قيل في جواب ذلك،
إنّهم لا يذكرون الحياة التي هم فيها، لانها معلومة من حيث إنّ غير الحيّ لا
يتكلّم، فذلك لم يذكره تعالى.
و اعلم انّ أصحابنا لا
يمكنهم التمسّك بهذه الآية في هذه المسألة، و ذلك لأنّهم مجمعون على أنّه تعالى
يحيي بعض الأموات من الأولياء و الأعداء عند