خروج الإمام و ظهوره
فيثبتون حياتين و موتين، ليس منهما الحياة في القبر، فلا يمكنهم الاستدلال بهذه
الآية في مسألتنا هذه.
فإن قيل: فيلزمهم على هذا
أن يكون الموتات ثلاثا.
قلنا: لا يلزم ذلك، لأنّ
الرجعة ليست متحقّقة في كلّ ميّت، فيجوز أن يكون قوله تعالى:
«رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ» خبرا عمّن لم يعد إلى دار
الدنيا بالرجعة، و حكاية قولهم، و بعد فانّ الخبر عن وقوع موتتين، يمنع من كون
الموتة واحدة و لا يمنع من الزيادة عليهما، ألا ترى أنّه قال: «وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ»
و لم يمنع ذلك من حياة ثالثة، فانّ من أثبت سؤال القبر و عذابه، لا بدّ من أن يثبت
الإحياء ثلاث مرّات، مرّة في دار التكليف، و مرّة لسؤال القبر و عذابه، و مرّة
لقيام القيامة، و قوله تعالى في آل فرعون: «النَّارُ
يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ
أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ»[1]، يدلّ بظاهره على أنّهم يعرضون عليها الآن، لأنّه قال: «وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ
أَشَدَّ الْعَذابِ»[2]
فأمّا من أوّل الآية على انّ الكلام[3] فيها وارد على جهة التمثيل، أي كأنّهم يعرضون عليها لما كانوا
يفعلونه من المعاصي بالغداة و العشيّ، فانّه عادل عمّا يقتضيه ظاهر الآية، و كذا
من حمل الآية على التقديم و التأخير، و قال: معناها: و يوم القيامة أدخلوهم أشدّ العذاب،
فيعرضون عليها غدوّا و عشيّا، فانّه أيضا عادل عمّا يقتضيه ظاهر ترتيب الآية،
لأنّه متى أمكن حملها على ترتيبها لم يصحّ تغيير الترتيب فيها. و قوله تعالى في[4] قوم نوح:
«أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً»[5] أيضا يقتضي أنّ إدخالهم النار كان عقيب الغرق، و الأخبار في ذلك
متواترة نحو قوله