فإن قالوا: إنّها منفصله
بذواتها قيل لهم: إذا كانت ذات كلّ واحد منها كذات الآخر، فأين الفصل؟.
فإن قالوا: إنّه يفصلها و
يميّزها بأنّها هي التي سبق عليها وجودا، و كان المطيع مركّبا عنها، فإذا أعادها و
ركب منها زيد المطيع، علمنا ضرورة أنّه زيد المطيع.
قيل لهم: إنّ الوجوه التي
كان بها منفصلا ممتازا عن الجواهر المعدومة قد زالت عنها بالعدم، و قولكم: «هي
التي كانت موجودة» هو إضافة أمر إليها قد انقضى، و لا بدّ من أن تكون منفصلة في
أنفسها بأمر غير ما يضاف إليه حتى تصحّ الإضافة إليها، فكيف تمتاز بأمر هو فرع على
امتيازها في نفسها، و كذا العلم بأنّها هي التي كانت موجودة إذ[1] الخبر عن ذلك هو فرع على انفصالها في
نفسها بأمر حتى يضاف إليها الخبر، أو يتعلّق العلم بها دون غيرها، فتحقّق توجّه
الإلزام المتقدّم عليهم دوننا.
و يقال لهم: كما لا يعقل
الإعادة على قولكم من الوجه الذي بيّناه فكذلك الفناء لا يعقل على اصولكم.
و بيانه أنّكم إذا قلتم
بإعدام اللّه الجوهر بالفناء، قيل لكم: و ما معنى إعدامها عندكم؟ أ تريدون به أنّه
يخرج[2] ذواتها من كونها ذوات؟ فلا بدّ أن
يقولوا: لا نريد ذلك، و إنّما نريد بطلان صفة الوجود عنها[3]، فيقال لهم: فإذن هو فناء لصفة الوجود لا للجوهر، لأنّ ذات الجوهر
لا تبطل ببطلان صفة الوجود، فاتّضح أنّ القول بالفناء[4] لا يصحّ على اصولهم.