يؤخّر إلى الزمان الذي
يخرج به المكلّف من حدّ الإلجاء، و غير ممتنع أن يعرض في الحقوق الواجبة ما يقتضي
تأخيرها و لا يبطل الاستحقاق. ألا ترى أن ولي اليتيم لو علم أو غلب على ظنّه أنّه
متى استوفى مال اليتيم ممّن هو في ذمّته و هو ملي بذلك هلك وجب عليه أن يؤخّره و
لا يبطل[1] بذلك الاستحقاق، كذلك هاهنا إذا كان
فعل الثواب عقيب الطاعة يقتضي الإلجاء وجب تأخيره و توفير ما يفوته في زمان
التكليف عليه في الآخرة.
فثبت بما ذكرناه أنّه لا
يجوز أن يكون الثواب في حال التكليف و لا عقيبه بلا فصل، و لسنا نعيّن المقدار
الذي يجب أن يكون بين زماني التكليف و الثواب، لأنّه لا طريق للعقل إلى ذلك، و لم
يرد به سمع قاطع، و انّما نثبته في الجملة و بالصفة و نحيله على ما يعلمه تعالى و
نقول: يجب أن يكون حدّه يخرج المكلّف باعتبارها من الإلجاء.
فتحقّق بما ذكرناه وجوب
انقطاع التكليف، و متى انقطع تكليف مكلّف من جهة غير اللّه عزّ و جلّ فلا يجب عليه
تعالى قطعه غيره وجب عليه تعالى قطعه، و إن لم يحصل من جهة و لو خلّينا و العقل
لجوّزنا أن يكون بعض المكلّفين مثابين في حال تكليف غيرهم، و لكنّ الإجماع منعقد
على أنّ دار الثواب إنّما هو دار الآخرة.
و قد قال السيّد المرتضى
رفع اللّه درجته: إنّ هذا الإجماع انّما انعقد في البشر دون الملائكة، و جوّز في
الملائكة أن يكونوا مكلّفين في الآخرة بما يتولّونه من خدمة أهل الجنّة و عقاب أهل
النار[2]، على ما ثبت في رضوان خازن الجنان و
مالك و الزبانية خزنة النيران يقوّي ما جوّزه قوله تعالى:
«عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ
[1] قوله: «الاستحقاق
... الى قوله: و لا يبطل» ليس في (م).