لا بدّ من انقطاع التكليف
و إلّا انتقض الغرض الذي هو التعريض للثواب على ما بيّناه، و بيان ذلك: أنّه إذا
لم ينقطع التكليف فامّا أن لا يثاب المكلّف المطيع أصلا فيتحقّق ما ذكرناه من
انتقاض الغرض بتكليفه، أو يثاب في خلال التكليف فينتقض أيضا الغرض بالتكليف، و ذلك
لأنّ الثواب من حقّه أن يكون خالصا من الشوائب بالإجماع، و التكليف لا يخلو من
المشاقّ فيكون في ذلك حصول الشوائب على خلاف الوجه المستحقّ، و يقترن به العموم و
المضارّ، و لأنّه لو كان الثواب مقترنا بالتكليف لأدّى إلى إلجاء المكلّف إلى
الطاعة من حيث إنّ المثاب ينبغي أن يعلم أنّ ما يصل إليه من المنافع المقرونة
بالتعظيم و التبجيل التي هي الثواب حقّه و جزاء طاعته، و ذلك يلجئ إلى الطاعة،
لأنّ العلم يتضمّن الفعل أو الترك [و] المنافع العظيمة المعجّلة تلجئ القادر إلى
ذلك الفعل أو الترك، و لهذا أوجبنا أن يكون بين زمان الثواب و زمان التكليف مدّة
متراخية يخرج بها المكلف من حدّ الإلجاء.
فإن قيل: هذا ينقض قولكم
بأنّ المكلّف يستحق الثواب عقيب الطاعة.
قلنا: لا ينتقض ذلك، لأنّه
يستحقّ الثواب في الثاني، لكنّه لا يفعل به بل
[1] م: القول في انقطاع
التكليف و إفناء الخلق و اعادتهم و أحكام الآخرة، و هو ما يتّصل بالكلام في
الوعيد.