عندهم أشهرا، فشقّ عليّ و
استعفيت عنها، و اعتذرت بالتحنّن إلى الأهل و الوطن، و تعطّل أموري هناك بتأخري[1] و مقامي في السّفر، فما زادهم
استعفائي إلّا استدعاء، و اعتذاري إلّا إصرارا على الإلحاح و المبالغة فيما
التمسوه.
فاستجبت و لزمني إجابتهم و
آثرت مرادهم على متمنّاي، و عزمت على الإقامة، و في القلب النّزوع، إلى الأهل و
الولد، و في الخاطر الالتفات إلى المولد و البلد؛ و اشتغلنا بالمذاكرة و المدارسة،
إذ كانتا هما المبتغى و المقصود للقوم في إقامتي.
ثمّ بعد مضيّ أيّام
استدعوا ثانيا أنّ أملي عليهم جملا من الأصول في مسائل التوحيد و العدل يكون تذكرة
لي عندهم بعد ارتحالي و غيبتي عنهم[2]، فأسعفتهم[3] فيما استدعوه ثانيا كما امتثلت ما رسموه أوّلا، و ابتدأت بإملاء هذا
التّعليق، و العزم فيه الإيجاز و الاختصار غير أنّي لمّا وصلت إلى أمّهات المسائل
و مهمّاتها، ما[4] وافقني الخاطر و الطبع في أكثرها على
موافقة ما كان في العزم من الإيجاز، فبسطت القول فيها[5] بعض البسط، فوقع لذلك التّفاوت بين[6] مسائل هذا التّعليق في المقدار من التّطويل و الاختصار. و شيء آخر
له وقع التّفاوت، و هو أنّي كنت أملي مسائله إملاء فما سبق منها لم يكن نصب عيني و
خاطري و لم يكن لها سواء عندي فأحفظ التّقارب بين المسائل و أتجنّب التّفاوت، و
هذا أيضا عذر ظاهر فيما ذكرته.
و سميته ب «التعليق
العراقي» و «المنقذ من التقليد و المرشد إلى التوحيد» فليذكروه بما شاءوا و أحبّوا
من الاسمين، و اللّه الموفّق و المستعان.
و قد ابتدأت بالقول في
حدوث الجسم، تقيّلا[7]
لما علمه سيّدنا علم الهدى- قدّس اللّه روحه- في «جمل العلم و العمل».