responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 51

غير ما فعله و إنما فعله لذاته و خيريته ذاته لا لداع آخر، و لم يكن هناك قوتان متنازعتان كما فينا فطاوع إحداهما ثم صار اختياره إلى الفعل بها. و كذلك معنى قولنا إنه قادر أنه بالفعل كذلك لم يزل و لا يزال و لا يعنى به ما يتعارفه الجمهور فى القادر منا فإن القدرة فينا قوة فإنه لا يمكن أن يصدر عن قدرتنا شى‌ء ما لم يرجح مرجح، فإن لنا قدرة على الضدين. فلو كان يصح صدور الفعل عن قدرة لصحّ صدور فعلين معا عن إنسان واحد فى حالة واحدة. فالقدرة فينا بالقوة، و الأول برئ من القوة. و إذا وصف بالقدرة فإنه يوصف بالفعل دائما. و نحن إذا حققنا معنى القدرة كان معناه أنّا متى شئنا و لم يكن مانع، فعلنا. لكن قولنا متى شئنا ليس هو أيضا بالفعل فإنا أيضا قادرون على المشيئة على الوجه الذي ذكرناه، فتكون المشيئة فينا أيضا بالقوة. فكأن القدرة فينا تارة تكون فى النفس، و تارة فى الأعضاء. و القدرة فى النفس هى على المشيئة، و فى الأعضاء على التحريك، فلو وصف الأول بالقدرة على الوجه المتعارف لوجب أن يكون فعله بالقوة، و لكان بقى هنا شى‌ء لم يخرج إلى الفعل فلا يكون تامّا. و على الجملة فإن القوة و الإمكان فى الماديات. و الأول هو فعل على الإطلاق، فكيف يكون قوة! و العقول الفعالة هى مثل الأول فى الاختيار و القدرة و ذلك لأنها ليست تطلب خيرا مظنونا بل خيرا حقيقيا، و لا ينازع هذا الطلب فيها طلبا آخر كما فينا إذ ليس فيها قوتان و يكون من وجه التنازع من قبلهما. فعلوّ الأول و مجده أنه بحيث يصدر عنه هذه الأفعال و تجدّ هذه العقول فى أن تتوخى أن تكون أفعالها مثل فعل الأول. و قد قيل: «الإنسان مضطر فى صورة مختار»، و معناه أن المختار منا لا يخلو فى اختياره من داع يدعوه إلى فعل ذلك. فإن كان الداعى الذي هو الغاية موافقا لأقوى القوى فينا، قيل:

فلان مختار فيما يفعله؛ و ربما يكون ذلك الداعى من جهة إنسان آخر.

و فى حالة أخرى لا يوافقنا فيها ذلك الداعى، فيكون صدور الفعل منا بحسبه على سبيل الإكراه. و إذا كان الداعى ذاتنا كان مختارا بحسبه. فالمختار بالحقيقة هو الذي لا يدعوه داع إلى فعل ما يفعله. و نحن إذا قلنا فلان يفعل كذا مختارا كان معناه أن داعيه ذاته.

و إذا قلنا إنه فعله مكرها كان داعيه غيره. و الداعى إذا لم يكن غيره كان الفاعل فيما يفعله مختارا و يكون عنده أن ذلك الداعى غاية أو خير إما بحسب الوهم أو بحسب العقل. و إذا كان الداعى غيره كان فعله، و إن كان فيه صلاح للفاعل، صادرا عنه على سبيل الكره.

فالأول لما كان هو الخير كان صدور الأشياء عنه صدور ما لو صدر عن غيره كان طلبه فيه الخير. فلما لم يختلف فيه الغاية و الفاعل، و كان صدور هذه الأشياء عنه لا لغاية

نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست