نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 28
فيه بالقوة، لأن علمها ليس لها بذاتها كما أن وجودها ليس لها من
ذواتها: و هى بالاعتبار إلى ذواتها غير واجبة الوجود بل ممكنة كذلك، باعتبار
ذواتها عقولها و علمها بالقوة.
و إذا صح فى العقل الذي بالقوة أن يقال إنه كل شىء و إنه يعقل
المعقولات بالفعل بلا نهاية فهو يعقل الأشياء غير المتناهية لأنه سبب كلّ معقول، و
المعقولات صادرة عنه على مراتبها و اختلاف أحوالها من الأبدية و الحادثة و القارّة
و غير القارّة، فهى كلها حاصلة له بالفعل، و هذا كما تقول إن الأشياء الموجودة
دائما و الموجودة فى وقت بعد وقت و الشيء المنقضى شيئا فشيئا كالزمان و الحركة
التي هى غير موجودة الجملة و القارة بالجملة و المعدومة فى الماضى و المعدومة فى
المستقبل- كلها بالإضافة إليه موجودة و حاصلة بالفعل لأنه سبب وجودها و مبدأ
الأسباب التي توجد عنها، و هو يعقل ذاته و لوازم لوازمه إلى أقصى الوجود، و كل
المعقولات حاصلة له حاضرة عنده. و حالها عنده بالسواء فى كل حال، أعنى قبل وجودها
و عند وجودها و مع وجودها لا يتغير بوجودها و هو يعقل الأشياء معا و لا يعقلها
شيئا فشيئا حتى يستكمل بمعقول، و يتسبب [1] به إلى معقول آخر، فإن عقله بالفعل: فهو يعقل الأشياء معا و دائما و
يعقلها إلى ما لا نهاية، و العقول البشرية لأنها بالقوة ليس بالفعل لا تعقل الأشياء
معا و لا دائما و لا إلى ما لا نهاية بل تعقلها شيئا فشيئا و تتسبب مما تعقله إلى
ما لا تعقله.
[مراتب الممكنات]
الموجودات، ما خلا واجب الوجود الذي وجوده له من ذاته، هى ممكنة
الوجود.
إلا أن منها ما إمكان وجوده فى غيره، و مثل ذلك يتقدم وجوده بالفعل
وجوده بالقوة و هى الممكنة الوجود على الإطلاق و الكائنة. و منها ما إمكان وجوده
فى ذاته و هو الذي لا إمكان وجوده معه و لم يتقدم وجوده بالفعل وجوده بالقوة و هى
العقول و سائر المبدعات. و إنما يقال فيها إنها ممكنة الوجود بمعنى أن تعلق وجودها
لا بذاتها بل بموجدها، فهى بالإضافة إليه موجودة، و باعتبارها فى ذواتها غير
موجودة.
[علم الواجب بالجزئيات]
علم البارى بالأشياء الجزئية هو أن يعرف الأشياء من ذاته و ذاته مبدأ
لها، فيعرف أوائل الموجودات و لوازمها و لوازم لوازمها إلى أقصى الوجود. و كل شىء
فإنه بالإضافة إليه واجب الوجود و بسببه فهو موجود بالإضافة إليه: مما وجد و مما
يوجد.
فإذا كانت الأشياء الجزئية أسبابا يلزم عنها تلك الجزئيات و لتلك
الأسباب أسباب حتى تنتهى إلى ذوات الأول و هو يعرف ذاته و يعرفه سببا للموجودات و
يعرف ما يلزم عن ذاته و ما يلزم عن لازمه و كذلك هلم جرا حتى ينتهى إلى الجزئى،
فإنه يعرفه لكنه يعرفه بعلله و أسبابه. و هذا العلم لا يتغير بتغير الشخصى المعلوم
فإن أسبابه لا تتغير