responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 21

لا حدّ له، و يتصوّر بذاته، لا يحتاج فى تصوره إلى شى‌ء، إذ هو أولىّ التصور، و يعرف بذاته إذ لا سبب له. و يقع على الفعل المحكم، و الفعل المحكم هو أن يكون قد أعطى الشى‌ء جميع ما يحتاج إليه ضرورة فى وجوده و فى حفظ وجوده بحسب الإمكان: إن كان ذلك الإمكان فى مادة فبحسب الاستعداد الذي فيها، و إن لم يكن فى مادة فبحسب إمكان الأمر فى نفسه كالعقول الفعالة. و بالتفاوت فى الإمكانات تختلف درجات الموجودات فى الكمالات و النقصانات. فإن كان تفاوت الإمكانات فى النوع كان الاختلاف فى النوع، و إن كان ذلك التفاوت فى إمكانات الأشخاص فاختلاف الكمال و النقصان يكون فى الأشخاص، فالكمال المطلق يكون حيث الوجوب بلا إمكان و الوجود بلا عدم و الفعل بلا قوة و الحق بلا باطل. ثم كل تال فإنه يكون أنقص من الأول و كل ما سواه فإنه ممكن فى ذاته. ثم الاختلاف من التوالى و الأشخاص و الأنواع يكون بحسب الاستعداد و الإمكان، فكل واحد من العقول الفعالة أشرف مما يليه.

و جميع العقول الفعالة أشرف من الأمور المادية، ثم السماويات من جملة الماديات أشرف من عالم الطبيعة. و يريد بالأشرف هاهنا ما هو أقدم فى ذاته و لا يصح وجود تاليه إلا بعد وجود متقدمه. و هذا أعنى الإمكانات هى أسباب الشر. فلهذا لا يخلو أمر من الأمور الممكنة من مخالطة الشر، إذ الشر هو العدم كما أن الخير هو الوجود.

و حيث يكون الإمكان أكثر كان الشر أكثر. و كما أنه يعطى كل شى‌ء ما يحتاج إليه فى وجوده و بقائه فكذلك يعطيه ما فوق المحتاج إليه فى ذلك: مثلا أن يعطى الإنسان الحكمة و العلم بالهيئة إذ ليس الإنسان محتاجا فى بقائه و وجوده إلى علم الهيئة.

فما لا بد منه فى وجوده هو الكمال الأول، و ذلك الآخر هو الكمال الثاني. فواجب الوجود يعلم كل شى‌ء كما هو بأسبابه، إذ يعلم كل شى‌ء من ذاته التي هى سبب كل شى‌ء لا من الأشياء التي هى من خارج. فهو بهذا المعنى حكيم و حكمته علمه بذاته، فهو حكيم فى علمه، محكم فى فعله. فهو الحكيم المطلق. و واجب الوجود أيضا هو علة كلّ موجود، قد أعطى كل موجود كمال وجوده و هو ما يحتاج إليه فى وجوده و بقائه، و زاده أيضا ما لا يحتاج إليه فى هذين. و قد دل القرآن على هذا المعنى حيث يقول:

«رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى‌ كُلَّ شَيْ‌ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‌» [1]. فالهداية هى الكمال الذي لا يحتاج إليه فى وجوده و بقائه، و الخلق هو الكمال الذي يحتاج إليه فى وجوده و بقائه.


[1] سورة «طه» آية 50

نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست