نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 20
تصوره مع موافقته لمتصوره. و إذا تصور لنا معنى ثم أردنا تحصيله كان
تصوره لنا نفس إرادتنا له، لكنا بعد ذلك نريد تحصيله
[1]. و الجمهور غافلون عن ذلك، و المشهور عندهم أن القادر هو من إذا شاء
فعل، و إذا لم يشأ لم يفعل، لا من يريد فيفعل أو لا يريد فلا يفعل دائما. فإن
هاهنا أشياء مقرّا بها، صحتها أن الخالق لا يريده قط و لا يفعله، و هو مع ذلك قادر
على فعله، مثل الظلم. فإذن الشرط فى القدرة قضية شرطية، و هو أنه إذا شاء فعله و
إذا لم يشأ لم يفعل. و الشرطية لا يتعلق بصحتها أن يكون جزءاها صادقين، فإنه يصح
أن يكون جزءاها كاذبين. و مثال هذا لو كان الإنسان طيارا لكان يتحرك فى الهواء- و
هذه القضية صحيحة مع كذب مقدمها و تاليها. و يصح أيضا أن يكون المقدم كاذبا و
التالى صادقا مع صحة القضية، كما يقال: لو كان الإنسان طيارا لكان حيوانا. فإذن
ليس يلزم من قولنا إن شاء فعل أنه يشاء حتى تصح هذه القضية:
و هو إن شاء فعل، و لم تصح بهذه القضية القدرة و إن خلت عن
الاستثناء. و حق أنه لو كان جائزا أن يشاء و القدرة لا محالة تتعلق بالمشيئة إلا
أن مشيئة الأول تستحيل أن تكون بالإمكان، إذ ليس هناك دواع مختلفة و لا قسر و لا
قهر، بل هناك وجوب فقط، فهو يفعل إذا شاء. و أما المشيئة فينا فبالإمكان. و القدرة
فينا هى القوة، و القوة ما لم يرجّح أحد الطرفين لم يكن أولى من الطرف الآخر. و لا
بد فى قدرتنا من وارد علينا من خارج، و يكون ذلك الوارد هو المعيّن للفعل. و يكون
بالتقدير من اللّه، فيكون ذلك التقدير يسوق ذلك المعنى. و الوارد علينا من خارج هو
كالدواعى و الإرادة من القسر و غيره. و لا تخلو قدرتنا من إمكان فتكون أفعالنا
كلها بتقدير، و تكون أفعالنا كلها بالخير. فإنه ما لم يرجح قوتنا وارد من خارج و
لم يصح الفعل و يكون بتقدير اللّه فإن التقدير من اللّه هو يسوق ذلك المعين و
المخصّص. و صدور الأشياء عن ذاته لغرض فهو رضاه لأنها تصدر
[2] عنه ثم ترضى بصدورها عنه. و القدرة فيه يستحيل أن تكون بالإمكان،
فهو إذا فعل فقد شاء، و إذا لم يفعل فإنه لم يشأ ليتم الفعل و القدرة.
[حكمة الواجب]
الحكمة: معرفة الوجود الواجب و هو الأول، و لا يعرفه عقل كما يعرف هو
ذاته.
فالحكيم بالحقيقة هو الأول. و الحكمة عند الحكماء تقع على العلم
التام. و العلم التام فى باب التصورات أن يكون التصور بالحد، و فى باب التصديق أن
يعلم الشىء بأسبابه إن كان له سبب. فأما ما لا سبب له فإنه يتصور بذاته و يعرف
بذاته، كواجب الوجود: فإنه