responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 157

تحط العدالة، و كل جريرة لا تؤذن بذلك بل تبقي حسن الظن ظاهرا لصاحبه، فهي التي لا تحط العدالة؛ و هذا أحسن ما يتميز به أحد الضربين عن الآخر.

فصل‌

من مات من المؤمنين على إصراره على المعاصي، فلا يقطع عليه بعقاب، بل أمره مفوض إلى ربه تعالى، فإن عاقبه فذلك بعدله، و إن تجاوز عنه، فذلك بفضله و رحمته، فلا يستنكر ذلك عقلا و شرعا، و هذا مذهب البصريين و بعض البغداديين. و ذهب كثير من معتزلة بغداد، إلى أن العفو غير جائز، و حتم على اللّه أن يعاقب كل مصرّ على الأبد، و هذا الذي قالوه مراغمة للعقل، فلا يخفى حسن الغفران، و التجاوز عن المسي‌ء، و قد نطق الشرع بذلك و حثّ عليه. فإذا حسن من الواحد منا الصفح، مع تلذذه بالانتقام، و التشفي، و تعرضه للمضار لو كظم غيظه، فلأن يحسن العفو من الرب تعالى، المتنزه عن الحاجة المنعوت بالغنى حقا، أولى و أحرى، و ما ذكروه إبطال لفضل اللّه و رحمته؛ فإنهم أوجبوا عليه ما فعله في الدنيا، و حتموا ما يجري من أحكام العقبى، و لا تبقى مسكة من الدين مع من ينتحل هذا المذهب.

فصل‌

إذا ثبت جواز الغفران، و قد شهدت له شواهد من الكتاب و السنة؛ لم نذكرها لشهرتها، فيترتب على ذلك تشفيع الشفعاء و حط أوزار المجرمين بشفاعتهم.

فمذهب أهل الحق أن الشفاعة حق، و قد أنكرها منكرو الغفران. و من جوز الصفح و العفو بدءا من اللّه تعالى، فلا يمنع الشفاعة، و منهم من يمنعها على مصيره إلى تجويز الغفران؛ و ذلك نهاية في الجهل، لا يلتزمها ذو تحصيل.

و سبيلنا أن نبين أن تشفيع الشفعاء من مجوزات العقول بالطرق التي قدمناها. فإن رددنا الأمر إلى محض الحق، و لم نقل بالتحسين و التقبيح، فالرب تعالى يفعل ما يشاء؛ و إن جاريناهم، وقفونا فاسد معتقدهم، فمرجعهم إلى شواهد الشاهد؛ و لا يقبح عند العقلاء أن يشفّع الملك بعض المخلصين المصطفين لديه في مذنب استحق عقابا، و لا ينكر ذلك إلا متعنت.

فإذا ثبت جواز التشفيع عقلا، فقد شهدت له سنن بلغت الاستفاضة، فمن رامها ألفاها منقولة، ثم هي مصرحة بالتشفيع في أهل الكبائر، إذ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» [1]؛ و قال في الشفاعة: «لا تحسبوها للمتقين، و إنما هي للخاطئين المتلوّثين»؛ و قال: «خيرت‌


[1] رواه أبو داود في كتاب السنة باب 21. الترمذي في كتاب القيامة باب 11. ابن ماجه في كتاب الزهد-

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست