نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 158
بين الشفاعة و بين أن يدخل
شطر أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة، فإنها أشفى»[1]. و أجمع المسلمون قبل ظهور البدع، على الرغبة إلى اللّه تعالى في أن
يرزقهم الشفاعة، و ذلك مجمع عليه في العصور الماضية لا ينكر على مبديه.
فإذا شهد العقل بالجواز، و
عضدته شواهد السمع، فلا يبقى بعد ذلك للإنكار مضطرب، و فيما ذكرناه ردّ على فئة
صاروا إلى أن الشفاعة ترفع الدرجات و لا تحط السيئات؛ فإن الأخبار المأثورة شاهدة
بتعلق الشفاعة بأصحاب الكبائر، و كذلك الرغبات في التشفيع لم تزل تصدر من المتقين
و من الخاطئين، و لا يبدو نكير على مبتهل إلى اللّه تعالى في تشفيع نبيّ فيه.
باب في الأسماء و
الأحكام
فصل
اعلموا أن غرضنا في هذا
الفصل يستدعي تقديم ذكر حقيقة الإيمان، و هذا مما اختلفت فيه مذاهب الإسلاميين.
فذهبت الخوارج إلى أن
الإيمان هو الطاعة، و مال إلى ذلك كثير من المعتزلة، و اختلفت مذاهبهم في تسمية
النوافل إيمانا. و صار أصحاب الحديث إلى أن الإيمان معرفة بالجنان، و إقرار
باللسان، و عمل بالأركان. و ذهب بعض القدماء إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب و
الإقرار بها.
و ذهبت الكرامية إلى أن
الإيمان هو الإقرار باللسان فحسب. و مضمر الكفر إذا أظهر الإيمان مؤمن حقا عندهم،
غير أنه يستوجب الخلود في النار. و لو أضمر الإيمان و لم يتفق منه إظهاره، فهو ليس
بمؤمن، و له الخلود في الجنة.
و المرضي عندنا، أن حقيقة
الإيمان التصديق باللَّه تعالى، فالمؤمن باللَّه من صدقه. ثم التصديق على التحقيق
كلام النفس، و لكن لا يثبت إلا مع العلم، فإنا أوضحنا أن كلام النفس يثبت على حسب
الاعتقاد. و الدليل على أن الإيمان هو التصديق صريح اللغة و أصل العربية، و هذا لا
ينكر فيحتاج إلى إثباته. و في التنزيل: وَ ما أَنْتَ
بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ [سورة يوسف: 17]
معناه و ما أنت بمصدق لنا.
ثم الغرض من هذا الفصل، أن
من مذهب أهل الحق وصف الفاسق بكونه مؤمنا، و الدليل
- باب 37. أحمد في مسنده
(3/ 213).
[1] رواه الترمذي في
كتاب القيامة باب 13. ابن ماجه في كتاب الزهد باب 37. أحمد في مسنده (2/ 75) (4/
404، 415).
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 158