نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 152
فإن أبدوا مراء في الصراط،
و قالوا: في الحديث المشتمل عليه إنه أدق من الشعر و أحد من السيف، و خطور الخلائق
على ما هذا وصفه غير ممكن. و ربما يجحدون الميزان، مصيرا إلى أن الأعمال هي التي
يتعلق الثواب و العقاب بها، و هي أعراض لا يتحقق وزنها.
فأما ما ذكروه في الصراط
فلا خفاء بسقوطه؛ فإنه لا يستحيل الخطور في الهواء، و المشي على الماء. و كيف ينكر
ذلك من يلزمه الدين رغما الاعتراف بقلب العصا حية و فلق البحر، و إحياء الموتى في
دار الدنيا. و الموزون الصحف المشتملة على الأعمال، و الرب تعالى يزنها على أقدار
أجور الأعمال و ما يتعلق بها من ثوابها و عقابها. فهذا القدر كاف في إرشادكم إلى
طريق إثبات السمعيات.
باب في الثواب و العقاب
و إحباط الأعمال و الرد على المعتزلة و الخوارج و المرجئة[1] في الوعد و الوعيد
الثواب عند أهل الحق ليس
بحق محتوم، و لا جزاء مجزوم، و إنما هو فضل من اللّه تعالى.
و العقاب لا يجب أيضا، و
الواقع منه هو عدل من اللّه. و ما وعد اللّه تعالى من الثواب أو توعد به من
العقاب، فقوله الحق و وعده الصدق. و كل ما دللنا به على أنه لا واجب على اللّه
تعالى، فإنه يطرد هاهنا.
و ذهبت المعتزلة إلى أن
الثواب حتم على اللّه تعالى، و العقاب واجب على مقترف الكبيرة إذا لم يتب عنها. و
لا يجب العقاب عند الأكثرين وجوب الثواب؛ لأن الثواب لا يجوز حبطه و العقاب يجوز
إسقاطه عند البصريين و طوائف من البغداديين؛ و لكن المعنى بكونه مستحقا عندهم أن
يحسن لوقوعه مستحقا، و لو لم يكن كذلك لما حسن العقاب على التأبيد، فهذا حقيقة
أصلهم.
فإن ساعدناهم على التقبيح
و التحسين عقلا، ألزمناهم على موجب أصلهم أمثلة لا قبل لهم بها. منها، أن السيد
إذا كان يقوم بمؤن عبده و إزاحة علله، و العبد يخدمه غير مستفرغ جهده، بل كان
مودعا معظم أفعاله فلا يستحق العبد على سيده شيئا على مقابل الخدمة المستحقة عليه.
و كذلك المعظم في عشيرته، إذا كان يكرم ولده و يقيم أوده، و الولد يكرمه، و يرعاه
و يطلب مرضاته
[1] فرقة كلامية قالت
بالإرجاء في الإيمان، و بالقدر على مذاهب القدرية و بإرجاء الحكم على صاحب الكبيرة
إلى اللّه تعالى خلافا للمعتزلة و لأهل السنة. و قيل الإرجاء تأخير علي رضي اللّه
عنه عن الدرجة الأولى إلى الرابعة و هي أربعة أصناف. انظر الملل و النحل و الفرق
بين الفرق.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 152