responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 153

و يتوخاها، فلا يستوجب بإزاء خدمته مزيدا على ما يناله من الإحسان الدّار عليه.

فإذا كان هذا سبيل من يخدم مثله؛ فالعبد الذي لو قوبلت عبادته بنعماء اللّه تعالى عليه في لحظة، لأبرّت نعماء اللّه تعالى و أربت على جميع قرباته. و الرب تعالى يستحق لأن يعبد، و النعم منه على العباد تترى، و لو حاول العبد عدّها لم يحصها. فكيف يستوجب العبد بالنزر اليسير من أعماله، و هو الغريق في أنعم اللّه تعالى، مزيد ثواب لو لا فضله العظيم!

ثم عبادة العبد شكر للنعم، و ليس من حكم العقل في مستقر العوائد استيجاب عوض على بذل واجب هو عوض. و لو استحق العبد بشكره عوضا، لاستحق الرب تعالى على ما يوليه من الثواب عوضا، و لا محيص عن ذلك.

فصل‌

يقال للمعتزلة: إن سلم لكم استحقاق الثواب، فلم زعمتم أنه يثبت على التأبيد؟ و العبادات الصادرة من المكلفين متناهية، فما بال أعواضها تثبت مع انتفاء النهاية عنها؟

فإن قالوا: إنما كان ذلك، لأن الثواب هو النعيم الهنيّ الخليّ عما ينكده، الصفي عن رنق يكدره، و لو كان الثواب عرضة للزوال لما تهنى به مثاب، مع علمه بتعرضه للزوال. قلنا لم قلتم إن الثواب يجب على الرتبة العليا في التهني و التخلي عن كل شوب، فعن هذا سألتم؟

ثم النعم التي يجب على العباد شكرها في دار الدنيا، مشوبة بالمحن و الهموم، و هي على حقائق النعم مع استحقاق شكرها، فلا يبعد ذلك في الثواب أيضا، ثم الرب تعالى مقتدر على أن يلهي المثابين عن ذكر الزوال و التفكر في الانتقال، إلى أن يستوفوا مدتهم؛ فما المانع من ثبوت الثواب مؤقتا مع ما ذكرناه؟

ثم نقول: إن كان هذا قولكم في الثواب، فما قولكم في العقاب؟ فهلا ثبت على التأقيت، و إذا رد الأمر إلى المعهود شاهدا، فباضطرار نعلم أن من بدرت منه بادرة واحدة، ثم قدر له استمرار البقاء، فلا يحسن معاقبته عليها أبدا سرمدا، فما وجه حسن ذلك من أرحم الراحمين، و أكرم الأكرمين؟

فإن قالوا: إنما يخلد اللّه تعالى في النار من علم أنه لو ردّ لعاد لما نهي عنه، قلنا: هذا لا يخلصكم عما ألزمناكموه، و لنا أن نقول بتأقت العقاب، ثم يميت اللّه تعالى من علم أنه لو ردّ لعاد لما نهي عنه، أو يسلبه عقله بعد توفي العقاب عليه، و هذا القدر كاف في غرضنا.

و مما يطالبون به، أن الثواب عندهم لا يقع منه شي‌ء في دار الدنيا، و لكن يستأخر إلى انقضاء أمد الدنيا، و إلى تصرّم اليوم الثقيل يوم القيامة، و ليس من حكم العقل فينا تأخير المستحق و حبسه‌

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست