نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 146
أجله. و ذهب آخرون إلى أنه
لو لم يقتل تقديرا، لمات حتف أنفه في الوقت الذي يقدر القتل فيه، و ذلك كله خبط لا
محصول له.
و الوجه القطع بأن من علم
اللّه تعالى أنه يقتل، لا محالة، فإن قدّر مقدّر عدم القتل، و قدّر معه أن يكون
المعلوم أنه لا يقتل فلا يمكن مع هذا التقدير القطع بامتداد العمر، و لا القطع
بالموت في وقت القتل بدلا منه، بل كل جائز ممكن عقلا لا يمتنع تقديره، فهذا ما لا
يسوغ غيره، و قد شهدت آي من كتاب اللّه تعالى على أن كل هالك مستوف أجله، منها
قوله تعالى: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا
يَسْتَقْدِمُونَ [سورة النحل: 61].
فإن قيل: ما المعنيّ بقوله
تعالى: وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ
إِلَّا فِي كِتابٍ [سورة فاطر: 11].
قلنا: المراد بهذه الآية
وجهان من التأويل: أحدهما أن يكون المراد بها، و ما ينقص من عمر شخص من أعمار
أضرابه و مبالغ مدة أمثاله، و ليس المراد ينقص عمره الواقع في معلوم اللّه، و كيف
يسوغ ذلك، و فيه تقدير علم اللّه تعالى!. و الوجه الثاني، أن تحمل الزيادة و
النقصان على المحو و الإثبات المعتورين على صحف الملائكة، و قد يثبت شيء في
صحيفتهم مطلقا، و هو مقيد في معلوم اللّه تعالى، و على ذلك حمل المحققون قول اللّه
تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ
[سورة الرعد: 39].
باب الرزق
و الرزق يتعلق بمرزوق،
تعلق النعمة بمنعم عليه، و الذي صح عندنا في معنى الرزق، أن كل ما انتفع به منتفع
فهو رزقه، فلا فرق بين أن يكون متعديا بانتفاعه، و بين أن لا يكون متعديا به.
و ذهب بعض المعتزلة إلى أن
الرزق هو الملك، و رزق كل موجود ملكه، و قد ألزم هؤلاء أن يكون ملك الباري تعالى
رزقا له، من حيث كان ملكا له، فلم يجدوا عن ذلك انفصالا.
و زاد المتأخرون، فقالوا:
رزق كل مرزوق ما انتفع به من ملكه و هؤلاء تحرزوا عن ملك الباري تعالى لما قيدوا
الملك بالانتفاع، و الرب تعالى متقدس عنه، و يلزمهم مع هذا التقييد، أن يقولوا: لا
يدرّ على البهائم رزق اللّه تعالى؛ فإنها لا تتصف بالملك و إن اتصفت بالانتفاع، و
قد قال اللّه تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي
الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [سورة هود: 6]. فإذا
بطل ما قالوه، لم يبق إلا صرف الرزق إلى الانتفاع من غير رعاية الملك.
فإن قالوا: هذا الأصل يلزم
أن يكون الغصب رزقا للغاصب إذا انتفع به، ثم لا وجه لمنعه من رزقه و دفعه عما رزقه
اللّه تعالى، و توجيه اللائمة عليه فيه؛ و هذا الذي استنكروه نص مذهبنا؛ فكل منتفع
بشيء مرزوق به.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 146