نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 145
ثبوت ما دل الدليل السمعي
على ثبوته، و إن لم يكن قاطعا، و إن كان مضمون الشرع المتصل بنا مخالفا لقضية
العقل، فهو مردود قطعا بأن الشرع لا يخالف العقل، و لا يتصور في هذا القسم ثبوت
سمع قاطع، و لا خفاء به.
فهذه مقدمات السمعيات، لا
بد من الإحاطة بها، و نحن الآن نسرد أبوابها تترى، مستعينين باللّه، و نذكر في كل
باب ما يليق به من فصول معقودة إن شاء اللّه.
باب الآجال
الآجال يعبر بها عن
الأوقات، فأجل كل شيء وقته، و أجل الحياة وقتها المقارن لها، و كذلك أجل الوفاة.
فالأوقات في موجب الإطلاقات يعبر بها كثيرا عن حركات الفلك، و ولوج الليل على
النهار، و النهار على الليل.
و تحقيق القول في الأوقات
أنها لا تتخصص بأجناس من الموجودات، تخصيص الجواهر و العلوم و نحوها، و لكن كل
واقع ابتغي أن يقرن بمتجدد، فذلك المتجدد الذي قرن به الحادث وقت له و ذلك إلى قصد
المؤقت و إرادته. فإذا قال قائل: قدم زيد عند طلوع الشمس، فقد جعل الطلوع وقتا
للقدوم، و إن قال: طلعت الشمس عند قدوم زيد، فقد جعل القدوم وقتا للطلوع.
و الأصل في التوقيت، أن
يقدر المؤقت متجددا معلوما، و يفرض فيما يؤقته استبهاما، فيزيل الاستبهام الموهوم
بضم ذكره إلى ذكر ما فرض معلوما، ثم يجوز أن يقدر موجود متجدد وقتا، و يجوز أن
يقدر عدم وقتا، إذا تحقق التجدد فيه في مثل قول القائل: تحرك الجوهر عند زوال
السواد عنه.
و ذهب بعض القدماء إلى أن
كل موجود مفتقر إلى زمان، و قضوا لذلك بثبوت أوقات لا نهاية لها و لا مفتتح، و
زعموا أن الباري لم يزل موجودا في أوقات غير متناهية؛ و هذا لا يتحصل، و لا معنى
للزمان إلا قرن حادث بمتجدد، أو قرن متجدد بمتجدد.
و قد أقمنا الدليل الواضح
على قدم الباري تعالى، و أوضحنا استحالة حوادث لا أول لها، و مقتضى هذين الأصلين
يقضي بفساد ما قال هؤلاء، و لو افتقر كل موجود إلى وقت، لافتقرت الأوقات إلى
أوقات، ثم يتسلسل القول و يؤدي إلى جهالة، لم يلتزمها أحد من العقلاء.
و الغرض من الباب أن نعلم
أن كل من يقتل فقد مات بأجله. و المعنيّ بذلك أن الذي قتل قد علم اللّه تعالى في
أزله مآل أمره، و ما علم أنه كائن فلا بد أن يكون فإن قيل: لو قدر عدم القتل فيه،
فما قولكم في تقدير موته و بقائه؟
قلنا: ذهب كثير من
المعتزلة إلى أنه لو قدر عدم القتل فيه لبقي مدة، و القاتل قاطع بذلك
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 145