نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 83
لصرفه إلى أهمّ أموره. و
تعلم أن إمساك المال، إن كان للتنعم في الشهوات، فحسن الأحدوثة و ثواب الآخرة أعظم
و ألذّ منه. فقضاء الشهوة سجية البهائم، و هذه سجية العقلاء؛ و إن كان يمسكه
ليتركه لولده فكأنه يترك ولده بخير و يقدم على ربه بشرّ، و هذا عين الجهل، و كيف و
ولده إن كان صالحا فاللّه تعالى يكفيه، و إن كان فاسقا فيستعين به[1] على المعصية، و يكون هو سبب تمكنه
منها، فيتضرر هو و يتنعّم غيره!. و أما العمل، فهو أن يحمل نفسه على البذل تكلّفا،
و لا يزال يفعل ذلك حتى يصير له عادة.
و من نوافذ حيله فيه أن
يخدعه بحسن الاسم و توقع المكافأة حتى يرغب في البذل، ثم بعد ذلك يتدرج أيضا إلى
قمع هذه الصفات.
الأصل السادس الرعونة و
حب الجاه:
قال اللّه عز و جل: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا
يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً
[القصص: 83] الآية. و قال عليه السلام: «حب المال و الجاه ينبتان النفاق في القلب،
كما ينبت الماء البقل». و قال عليه الصلاة و السلام: «ما ذئبان ضاريان أرسلا في
زريبة غنم بأكثر فسادا فيها من حب المال و الجاه في دين الرجل المسلم». و قال عليه
الصلاة و السلام في مدح الخمول: «رب أشعث أغبر ذي طمرين[2] لا يؤبه له لو أقسم على اللّه لأبرّه». و قال عليه الصلاة و السلام:
«إن أهل الجنة كل أشعت أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، الذين إذا استأذنوا على الأمراء
لم يؤذن لهم، و إذ خطبوا النساء لم ينكحوا، و إذا قالوا لم ينصت لهم؛ حوائج أحدهم
تتجلجل في صدره، لو قسم نوره يوم القيامة على الناس لوسعهم».
و قال سليمان بن حنظلة:
بينما نحن حول أبيّ بن كعب نمشي خلفه، إذ رآه عمر فعلاه بالدّرّة، فقال: انظر يا
أمير المؤمنين ما تصنع، فقال: إن هذا مذلة للتابع و فتنة للمتبوع. و قال الحسن: إن
خفق النعال خلف الرجل قلّ ما يثبت معه قلوب الحمقاء.
و قال أبو أيوب: و اللّه
ما صدق اللّه عبد إلا سرّه أن لا يشعر بمكانه.