نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 82
و الحذر من الإفراط و
الرفاهية، فذلك خطر عظيم. و ليس في التقليل إلا مشقة قليلة في أيام قلائل؛ و ذو
الحزم لا يثقل عليه أن يجوع نفسه لوليمة الفردوس، لعلمه أن اللذة على قدر الجوع.
[فصل في معرفة حدّ
البخل]
لعلك ترغب في معرفة حدّ
البخل، إذ الشخص الواحد قد تشك في أنه بخيل أم لا، و يختلف الناس فيه. فاعلم أن
حدّ البخل منع ما يوجبه الشرع أو المروءة. و لا تظن أن من سلّم إلى زوجته و قريبه
ما فرضه القاضي، و ضايق وراء ذلك في لقمة، فليس ببخيل، و أن من رد الخبز و اللحم
إلى الخباز و القصاب لنقصان قدر منه يسير ليس ببخيل، و إن كان له ذلك في الشرع،
فإن معنى الشرع في هذه الأمور قطع خصومة البخلاء بتقدير مقدار يطيقه البخيل؛ و
لذلك قال اللّه تعالى: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها
فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا [محمد: 37]. بل لا بدّ من مراعاة
المروءة و دفع قبح الأحدوثة، و ذلك يختلف باختلاف الأشخاص و قدر المال. و من له
مال و أمكنه أن يقطع هجو شاعر و ذمه عن نفسه بقدر يسير فلم يفعله، فهو بخيل، و إن
لم يكن ذلك واجبا عليه، إذ قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما وقى المرء به عرضه فهو
له صدقة». و التحقيق فيه أن المال خلق لفائدة لأجلها يمسك، و في بذله أيضا فائدة.
فمهما ظهر له أن فائدة البذل أعظم من فائدة الإمساك، ثم شق عليه البذل فهو بخيل
محب للمال. و المال لا ينبغي أن يحبّ لذاته بل لفائدته، فيصرف إلى أقوى فائدة. و
حفظ المروءة أفضل و أقوى من التنعم بالأكل الكثير مثلا. و قد يحمله البخل و حبّ
المال على أن يجهل أقوى الفائدتين و أولاهما و ذلك غاية البخل. فإن علم و عسر عليه
البذل فهو بخيل أيضا، و إن بذل تكلّفا؛ بل إنما يبرأ من البخل بأن لا يثقل عليه
بذل المال فيما ينبغي أن يبذل فيه عقلا و شرعا. و أما درجة السخاء، فلا تنال إلا
ببذل ما يزيد على واجب الشرع و المروءة جميعا.
[فصل في معرفة علاج
البخل]
لعلك تريد أن تفهم علاج
البخل. فاعلم أن دواءه معجون مركّب من العلم و العمل. أما العلم فهو أن تعلم ما في
البخل من الهلاك في دار الآخرة، و المذمة في الدنيا، و تعلم أن المال لا يتبعه- إن
بقي- إلى قبره؛ و إنما المال للّه تعالى، مكّنه منه
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 82