responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 58

المناسبة إلى الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة، كقولك: إن العسل يضرّ المحرورين و ينفع البارد مزاجه. و منها ما لا يدرك بالقياس، و يعبّر عنه بالخواص، و تلك الخواص لم يوقف عليها بالقياس، بل مبدأ الوقوف عليها وحي أو إلهام؛ فالمغناطيس يجذب الحديد، و السقمونيا [1] تجذب خلط الصفراء من أعماق العروق، لا على القياس، بل بخاصية وقف عليها إما بالإلهام أو بالتجربة. و أكثر الخواص عرفت بالإلهام، و أكثر التأثيرات في الأدوية و غيرها من قبل الخواص. فلذلك، فاعلم أن تأثيرات الأعمال في القلب، تنقسم إلى ما هو يفهم وجه مناسبته، كعلمك بأن اتباع الشهوة الدنيوية يؤكد علاقته مع هذا العالم، فيخرج من العالم منكوس الرأس موليا وجهه إلى هذا العالم إذ فيه محبوبه؛ و كعلمك أن المداومة على ذكر اللّه تعالى تؤكد الأنس باللّه تعالى، و توجب الحب حتى تعظم اللذة به عند فراق الدنيا، و القدوم على اللّه سبحانه. إذ اللذة على قدر الحب، و الحب على قدر المعرفة و الذّكر.

و من الأعمال ما يؤثر في الاستعداد لسعادة الآخرة أو لشقاوتها بخاصية ليست على القياس، لا يوقف عليها إلا بنور النبوة؛ فإذا رأيت النبيّ صلى اللّه عليه و سلم قد عدل عن أحد المباحين إلى الآخر، و آثره عليه مع قدرته عليهما، فاعلم أنه اطلع بنور النبوة على خاصية فيه، و كوشف به من عالم الملكوت، كما قال صلى اللّه عليه و سلم: «يا أيها الناس إن اللّه أمرني أن أعلمكم مما علمني، و أؤدبكم مما أدبني، فلا يكثرنّ أحدكم الكلام عند المجامعة، فإنه يكون منه خرس الولد، و لا ينظرن أحدكم إلى فرج امرأته إذا هو جامعها، فإنه يكون منه العمى، و لا يقبّلنّ أحدكم امرأته إذا هو جامعها فإنه يكون منه صمم الولد، و لا يديمنّ أحدكم النظر في الماء فإنه يكون منه ذهاب العقل». و هذا مثال مما ذكرناه و أردنا تنبيهك على اطلاعه على خواص الأشياء، بالإضافة إلى أمور الدنيا لتقيس به اطلاعه صلى اللّه عليه و سلم على ما يؤثر بالخاصية في السعادة و الشقاوة فلا ترضى، فترضى لنفسك أن تصدق محمد بن زكريا الرازي المتطبب فيما يذكره من خواص الأشياء في الحجامة و الأحجار و الأدوية، و لا تصدق سيد البشر محمد بن عبد اللّه الهاشمي المكّي المدنيّ- صلوات اللّه عليه و سلامه- فيما يخبر به عنها؛ و أنت تعلم أنه صلى اللّه عليه و سلم مكاشف من العالم الأعلى بجميع‌


[1] السقمونيا: يبدو أنه تعبير طبي كان شائعا تلك الأيام، و قد استعمله ابن رشد.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست