responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 57

نعت الصحة و الاستقامة، كما تستعد المرآة المعتدلة لمحاكاة الصور الصحيحة من غير اعوجاج. و معنى العدل: وضع الأشياء مواضعها، و مثاله أن الجهات مثلا أربعة، و قد خص منها جهة القبلة بالتشريف؛ فالعدل أن تستقبل في أحوال الذكر و العبادة و الوضوء، و أن تنحرف عنها عند قضاء الحاجة، و كشف العورة، إظهارا لفضل من ظهر فضله.

و لليمين زيادة على اليسار- غالبا لفضل القوة- فالعدل أن تفضلها على اليسار، و تستعملها في بعض الأعمال الشريفة، كأخذ المصاحف و الطعام، و تترك اليسار للاستنجاء و تناول القاذورات؛ و تقليم الظفر مثلا، تطهيرا لليد، فهو إكرام. فينبغي أن تبتدئ بالأكرم و الأفضل؛ و ربما لا يستقل عقلك بالتفطّن للترتيب في ذلك و كيفية البداية، فاتبع فيه السنّة و ابتدئ بالمسبّحة من اليمنى؛ لأن اليد أفضل من الرّجل، و اليمنى أفضل من اليسرى. و المسبّحة- التي بها الإشارة في كلمة التوحيد- أفضل من سائر الأصابع. ثم بعد ذلك تدور من يمين المسبّحة. و للكفّ ظهر و وجه، فوجهه ما تقابله، فإذا جعلت الكفّ وجه اليد، كان يمين المسبّحة من جانب الوسطى، فقدّر اليدين متقابلتين بوجهيهما، و قدّر الأصابع كأنها أشخاص، فتدور بالمقراض من المسبّحة إلى أن تختم بإبهام اليمنى. كذلك فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.

و الحكمة في ذلك ما ذكرناه، فإذا أنت تعوّدت رعاية العدل في دقائق الحركات، صارت العدالة و الصحة هيئة راسخة في قلبك، و استوت صورها، و بذلك تستعد لقبول صورة السعادة؛ و لذلك قال اللّه تعالى: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي‌ [الحجر:

29، ص: 72]. فروح اللّه عزّ و جلّ مفتاح أبواب السعادة، و لم يكن نفخها إلا بعد التسوية. و معنى التسوية يرجع إلى التعديل؛ و في ذلك سر طويل يطول شرحه، و إنما نريد الرمز إلى أصله؛ فإن كنت لا تقوى على فهم حقيقته، فالتجربة تنفعك. فانظر إلى من تعوّد الصدق كيف تصدق رؤياه غالبا؛ لأن الصدق حصل في قلبه هيئة صادقة، يتلقى لوائح الغيب في النوم على الصحة. و انظر كيف تكذب رؤيا الكذاب، بل رؤيا الشاعر، لتعوّده التخيلات الكاذبة، فاعوجّ لذلك صورة قلبه. فإن كنت تريد أن تلمح جنات القدس، فاترك ظاهر الإثم و باطنه، و اترك الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، و اترك الكذب حتى في حديث النفس أيضا.

السرّ الثاني: أن تعلم أن الأشياء المؤثّرة في بدنك بعضها إنما يعقل تأثيرها بنوع من‌

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست