responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 59

الأسرار. و هذا ينبهك على الاتباع فيما لا يفهم وجه الحكمة فيه على ما ذكرناه في السرّ الأول.

السر الثالث: أن سعادة الإنسان أن يتشبه بالملائكة في النزوع عن الشهوات و كسر النفس الأمّارة بالسوء، و يبعد عن مشابهة البهيمة المهملة سدى، التي تسترسل في اتباع الهوى بحسب ما يقتضيه طبعها من غير حاجز. و مهما تعوّد الإنسان في جميع الأمور أن يفعل ما يشاء من غير حاجز، ألف اتباع مراده و هواه، و غلب على قلبه صفة البهيمة، فمصلحته أن يكون في جميع حركاته ملجما يصدّه عن طريق إلى طريق؛ كيلا تنسى نفسه العبودية، و لزوم الصراط المستقيم، فيكون أثر العبودية ظاهرا عليه في كل حركة.

إذ لا يفعل شيئا بحسب طبعه بل بحسب الأمر، فلا ينفك في جميع أحواله عن مصادمات الزمان بإيثار بعض الأمور على بعض. و من ألقى زمامه إلى يد كلب مثلا حتى لم يكن تصرفه و تردده بحكم طبعه بل بحكم غيره، فنفسه أقوم إلى قبول الرياضة الحقيقية، و أقرب و أقوى ممن جعل زمامه في يد هواه، يسترسل بها استرسال البهيمة.

و تحت هذا سرّ عظيم في تزكية النفس، و هذه فائدة تحصل بوضع الشارع صلى اللّه عليه و سلم كيفما وضعه. و الفائدة الحكمية و الخاصية لا تتغير بالوضع، و هذا يتغير بالوضع، فإن المقصود أن لا يكون مخلّى مع اختياره، و ذلك المقصود يحصل بالمنع عن أحد الجانبين أيّ جانب كان، و في مثل هذا يتصور أن تختلف الشرائع لأنه ثمرة الوضع.

فيكفيك هذه التنبيهات الثلاث على فضل ملازمة الاتباع في جميع الحركات و السكنات.

[فصل التحريض كله الذي ذكر إنما هو في العادات‌]

هذا التحريض كله الذي ذكرته إنما هو في العادات. و أما في العبادات، فلا أعرف لترك السنة من غير عذر وجها إلا كفر خفيّ أو حمق جليّ، بيانه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم إذ قال: «تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ [1] بسبع و عشرين درجة». فكيف تسمح نفس المؤمنين بتركها من غير عذر؟ نعم، يكون السبب في ذلك إما حمق أو غفلة بأن لا يتفكر في هذا التفاوت العظيم. و من يستحمق غيره- إذا آثر واحدا على اثنين- كيف لا


[1] الفذ: الفرد.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست