نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 29
الآية. و لكن ما ذكرناه في
زيادة الفضل؛ فإن كنت من مريدي الآخرة، فلا يسهل عليك ترك الفضل، و قد قال علي-
رضوان اللّه عليه- «من قرأ القرآن و هو قائم في الصلاة، فله بكل حرف مائة حسنة، و
من قرأ القرآن في غير صلاة، و هو على طهارة، فخمس و عشرون حسنة، و من قرأه على غير
وضوء، فعشر حسنات».
الثالث: في مقدار القراءة،
و له ثلاث درجات: أدناها أن يختم في الشهر مرة، و أقصاها أن يختم في ثلاثة أيام
مرة. و قال صلى اللّه عليه و سلم: «من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه» و
أعدلها أن يختم في الأسبوع مرة. و أما الختم في كل يوم فغير مستحب. و إياك أن
تتصرف بعقلك فتقول: ما كان خيرا و نافعا فكلما كان أكثر كان أنفع. فإن عقلك لا
يهتدي إلى أسرار الأمور الإلهية، و إنما تتلقاها قوة النبوة، فعليك بالاتّباع فإن
خواص الأمور لا تدرك بالقياس. أو ما ترى كيف نوديت إلى الصلاة و نهيت عنها جميع
النهار و أمرت بتركها بعد الصبح و بعد العصر و عند الطلوع و عند الغروب و الزوال؟
و ذلك ينتهي إلى قدر ثلث النهار. و كيف و أثر الفساد ظاهر على قياسك هذا! فإنه
كقول القائل:
الدواء نافع للمريض، فكلما
كان أكثر كان أنفع. و أنت تعلم أن كثرة الدواء ربما يقتل.
و أما الأسرار الباطنة
فخمسة:
الأول: أن تستشعر في أول
قراءتك عظمة الكلام باستشعار تعظيم المتكلم، فتحضر في قلبك العرش و الكرسي، و
السموات و الأرض و ما بينهما، من الملائكة و الجن، و الإنس و الحيوانات، و
النباتات و المعادن. و تتذكر أن الخالق لجميعها واحد، و أن الكل في قبضة قدرته،
متردد بين فضله و رحمته، و أنك تريد أن تقرأ كلامه و تنظر به إلى صفة ذاته، و
تطالع جمال علمه و حكمته، و تعلم أنه لا يمس ظاهر المصحف إلا المطهّرون بظواهرهم،
و هو محجوب عن غيرهم، فكذلك حقيقة معناه و باطنه، محجوب عن باطن القلب، إلّا إذا
كان مطهرا من كل رجس و خبث من خبائث الباطن.
و بمثل هذا التعظيم كان
عكرمة، إذا نشر المصحف ربما غشي عليه، و يقول: «هذا كلام ربّي، هذا كلام ربي».
و اعلم أنه لو لا أن أنوار
كلامه العزيز و عظمته غشيت بكسوة الحروف لما أطاقت القوة البشرية سماعه لعظمته و
سلطانه و سبحات نوره، و لو لا تثبيت اللّه عز و جل موسى-
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 29