نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 30
عليه السلام- لما أطاق
سماعه مجردا عن كسوة الحروف و الأصوات، كما لم يطق الجبل مبادئ تجليه حتى صار دكّا
دكّا.
الثاني: أن تقرأ بتدبر
معانيه إن كنت من أهله، و كل ما يجري لسانك به في غفلة فأعده، و لا تعده من عملك
لأن الترتيل في الظاهر للتمكن من التدبر. قال علي- عليه السلام-: «لا خير في عبادة
لا فقه فيها، و لا في قراءة لا تدبّر فيها. و إياك أن تصير مشغوفا بعدد الختمات
على نفسك فلأن تردد آية واحدة ليلة تتدبّرها خير لك من ختمتين، فقد قرأ رسول اللّه
صلى اللّه عليه و سلم «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ» فرددها عشرين مرة». و قال أبو الدرداء- رضي اللّه عنه-: «قام رسول
اللّه صلى اللّه عليه و سلم بنا ليلة، فقام بآية يردّدها:
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ و قام تميم الداري
ليلة بقوله سبحانه: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ ... الآية، و قام سعيد بن
جبير ليلة بقوله: وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ». و لعل الأليق بك ما قاله بعض العارفين إذ قال: «لي في كل جمعة
ختمة، و لي في كل شهر ختمة، و في كل سنة ختمة، و لي ختمة منذ ثلاثين سنة، ما فرغت
منها بعد». و ذلك بحسب درجات التدبر، فإن القلب في بعض الأوقات لا يحتمل التدبر
الطويل، فليكن للتدبر الطويل ختمة خاصة.
الثالث: أن تجتني في تدبرك
ثمار المعرفة من أغصانها، و تقتبسها من أوطانها، و لا تطلب الترياق من حيث تطلب
منه الجواهر، و لا الجواهر من حيث يطلب منه المسك و العود، فإن لكل ثمرة غصنا، و
لكل جوهر معدنا، و إنما يتيسر لك هذا بأن تعرف الأصناف العشرة التي حصرنا فيها
أقسام القرآن، و هي عشرة معادن: فما يتعلق من القرآن باللّه تعالى و بصفاته و
أفعاله، فاقتبس منه معرفة الجلال و العظمة، و ما يتعلق بالإرشاد إلى الصراط
المستقيم فاقتبس منه معرفة الرحمة و العطف و الحكمة، و ما يتعلق بإهلاك الأعداء
فاقتبس منه معرفة العزّة و الاستغناء و القهر و التجبر، و ما يتعلق بأحوال
الأنبياء، فاقتبس منه معرفة اللطف و النعمة و الفضل و الكرم، و كذلك في كل صنف ما
يليق به. فلا تنظرنّ إليه بعين واحدة، و شرح ذلك يطول.
الرابع: أن تتخلى عن موانع
الفهم و هي الأكنّة[1]
التي تمنع من الفهم. قال اللّه عز
[1] أكنة: أغطية أو
ستائر، و هي الحجب التي تحجب الأشياء و تحول دون رؤيتها.
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 30