responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 146

يبدأ و إليه يعود. و ذلك لأنك لا تعرف معنى قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه خلق آدم على صورته»، و لا معنى قوله‌ [1] تعالى: «خمرت طينة آدم بيدي»، و لا معنى قوله تعالى:

عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ، كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‌ [العلق: 4، 5، 6].

فإنك لا تعلم قلما إلا من قصب، و لا يدا و لا أصابع إلا من لحوم و عظام، و لا صورة إلا للألوان و الأشكال. فإن انكشف لك ذلك علمت أنك إذا رميت ما رميت، و لكن اللّه رمى، حيث سلط عليك دواعي جازمة، و معرفة حاكمة على القطع، بأن نجاتك في الرمي مثلا. حتى انبعثت القدرة التي انفرد بخلقها خادمة للإرادة، و المعرفة خادمة بالتّسخير و الاضطرار، علمت أنك مضطر إلى عين الاختيار، فتفعل إن شئت ذلك، و تشاء إذا شاء اللّه، شئت أم أبيت. و هذا الآن فيه سرّ يحرّك قاعدة الجبر و الاختيار، و يوهم تناقض التوحيد و تكليف الشرع، و قد شرحناه في كتاب التوحيد و التوكل و الشكر من كتب الإحياء. فاطلبه منه إن كنت من أهله.

[فصل لا يكفي الإيمان بتوحيد الفعل و الذات‌]

لا يكفي الإيمان بتوحيد الفعل و الذات في إثارة حالة التوكل حتى ينضاف إليه الإيمان بالرحمة و الجود و الحكمة، إذ به تحصل الثقة بالوكيل الحق، و هو أن يعتقد جزما أو ينكشف لك بالبصيرة أن اللّه تعالى لو خلق الخلائق كلهم على عقل أعقلهم بل على أكمل ما يتصور أن يكون عليه حال العقل، ثم زادهم أضعاف ذلك علما و حكمة، ثم كشف لهم عواقب الأمور و أطلعهم على أسرار الملكوت و لطائف الحكمة، و دقائق الخير و الشر، ثم أمرهم أن يدبّروا الملك و الملكوت، لما دبّروه بأحسن مما هو عليه، و لم يمكنهم أن يزيدوا عليه أو ينقصوا منه جناح بعوضة، و لم يستصوبوا البتة دفع مرض و عيب و نقص و فقر و ضر و جهل و كفر، و لا أن يغيروا قسمة اللّه تعالى من رزق و أجل و قدرة و عجز و طاعة و معصية، بل شاهدوا جميع ذلك عدلا محضا لا جور فيه، و حقّا صرفا لا نقص فيه، و استقامة تامة لا قصور فيها و لا تفاوت، بل كل ما يرون نقصا فيرتبط به كمال آخر أعظم منه، و ما ظنّوه ضررا فتحته نفع أعظم منه، لا يتوصل إلى ذلك النفع إلا به. و علموا قطعا أن اللّه تعالى حكيم جواد رحيم، لم يبخل على الخلق أصلا، و لم‌


[1] أي في الحديث القدسي.

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست