responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 145

الأسباب و كيفية تسلسلها و ارتباط أول السلسلة بسبب الأسباب. و صاحب هذا المقام بعد في تفرقة لأنه يرى الأفعال و كثرتها و ارتباطها بالفاعل. الرابعة: و هو لبّ اللب، أن لا يرى في الوجود إلا واحدا و يعلم أن الموجود بالحقيقة واحد، و إنما الكثرة فيه في حق من تفرق نظره كالذي يرى من الإنسان مثلا رجله، ثم يده، ثم وجهه، ثم رأسه، فيغلب عليه كثرته، فإن رأى الإنسان جملة واحدة لم يخطر بباله الآحاد، بل كان كمدرك الشي‌ء الواحد.

فكذلك الموحّد لا يفرق نظره بين السماء و الأرض و سائر الموجودات، بل يرى الكلّ في حكم الشي‌ء الواحد. و هذا له غور، و يستدعي كشفه تطويلا فاطلبه من كتاب التوحيد و الشكر من كتب الإحياء لتقف على تلويحات منه. و الفناء في التوحيد إنما يقع في هذا التوحيد؛ و ذلك بأن يصير مستغرقا بالواحد الحق، حتى لا يلتفت قلبه إلى غيره و لا إلى نفسه، فإن نفسه- من حيث هي نفسه- غير اللّه، و إن لم يتحقق له معنى الغيرية بنظر آخر، و اعتبار على وجه آخر.

[فصل فى حقيقة التوكل‌]

حقيقة التوكل إنما يستدعي توحيد الفعل و لا يستدعي الفناء في توحيد الذات، بل المتوكل يجوز أن يرى الكثرة و الأسباب و المسببات، و لكن ينبغي أن يشاهد ارتباط السلسلة بمسببها. و ما عندي أن ذلك يخفى عليك فيما يدخل فيه اختيار الآدميين، فإنك إن رأيت المطر سببا في النبات، فتعلم أن المطر مسخّر بواسطة الغيم، و الغيم مسخر بواسطة الريح و أبخرة الجبال، و كذلك الجبال جمادات مسخرة إلى أن ينتهي إلى الأول لا محالة. و إن كنت لا تعرف عدد الوسائط فلا يضرّك ذلك، و إنما الذي يخفى عليك أفعال الآدميين، فإنك تقول: من أطعمني طعاما فإنه يطعمني باختياره، إن شاء أعطى، و إن شاء منع، فكيف لا أراه فاعلا. و إنما مثلك في الالتفات إليه مثل النملة، ترى الخط على البياض يحصل من حركة القلم. فتضيف ذلك إلى القلم، إذ حدقتها الصغيرة الضعيفة لا تمد إلى الإصبع، و منها إلى اليد، و منها إلى القدرة المحركة لليد، و منها إلى الإرادة التي القدرة مسخّرة لها، و منها إلى المعرفة التي يتوقف انبعاث الإرادة و انجزامها عليها، و منها إلى صاحب القدرة و العلم و الإرادة. فكذلك أنت تضيف أفعال العباد إلى إرادتهم و معرفتهم و قدرتهم، إذ ليس يمتد نظرك إلى القلم الذي تنسطر المعرفة به في ألواح القلوب، و منه إلى الأصابع التي تنتهي إلى قلوب العباد، و منها إلى اليد التي بها خمرت طينة آدم، و منها إلى القدرة التي بها تتحرك اليد لتخمير الطينة، و منها إلى القادر الذي منه‌

نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست