نام کتاب : الأربعين في اصول الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 144
الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159] و قال: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3] و قال: أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ
[الزمر: 36] و قال: إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ
الرِّزْقَ [العنكبوت: 17] و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «لو أنكم
تتوكّلون على اللّه حقّ توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا[1]»، و قال: «من انقطع إلى اللّه كفاه
اللّه تعالى كلّ مئونة و رزقه من حيث لا يحتسب، و من انقطع إلى الدنيا و كله اللّه
إليها». و كان رسول اللّه إذا أصاب أهله خصاصة قال: «قوموا إلى الصلاة»، و يقول:
«بهذا أمرني ربي فقال: و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها لا نسألك رزقا، نحن
نرزقك، و العاقبة للتّقوى».
[فصل فى حقيقة التوكل]
حقيقة التوكل عبارة عن
حالة تصدر عن التوحيد، و يظهر أثرها على الأعمال، فهي ثلاثة أركان: المعرفة، و
الحال، و العمل.
الركن الأول: المعرفة
، و هي الأصل، و أعني بها
التوحيد، فإنه إنما يتوكل على اللّه من لا يرى فاعلا سوى اللّه. و كمال هذه
المعرفة يترجمه قولك: «لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و
هو على كل شيء قدير»، إذ فيه إيمان بالتوحيد، و كمال القدرة و الجود و الحكمة
التي يستحق بها الحمد. فمن قال ذلك صادقا مخلصا فقد تمّ توحيده، و ثبت في قلبه
الأصل الذي منه ينبعث حال التوكل؛ و أعني بالصدق فيه أن يصير معنى القول وصفا لازما
لذاته، غالبا على قلبه، لا يتّسع لتقدير غيره.
[فصل التوحيد له لبّان
و قشران]
هذا التوحيد له لبّان و
قشران، و طباقه أربع، كاللوز، له لبّ ثم الدّهن لبّ لبّه، و القشرة العليا قشر
قشره. فالقشرة العليا القول باللسان المجرّد. الثانية: الاعتقاد بالقلب جزما، و هو
درجة عوام الخلق، و درجة المتكلمين، إذ لا يتميزون عن العوام إلا بمعرفة الحيلة في
دفع تشويش المبتدعة عن هذه الاعتقادات. الثالثة: و هي اللّب، أن ينكشف بنور اللّه
عز و جل حقيقة هذا التوحيد و سرّه بالحقيقة. و ذلك بأن يرى الأشياء الكثيرة، و
يعلم أنها بجملتها صادرة عن فاعل واحد على الترتيب. و ذلك بأن يعرف سلسلة