وجه و مجهولا من وجه آخر كان هذا الاطلاق من باب التجوز (و لا
مشاحة) و لا منازعة (فيه) أى في الاطلاق مجازا فان بابه مفتوح و لا يشتبه عليك بما
أسلفناه لك أن عارض الشيء قد يلاحظ في نفسه فيكون العارض معلوما مع كون حقيقة
الشيء مجهولة فيتغاير المعلوم و المجهول و قد يجعل آلة لملاحظة الشيء و حينئذ
يكون ذلك الشيء معلوما باعتبار عارضه و مجهولا باعتبار حقيقته فيتحد المعلوم و
المجهول لكنه معلوم من حيثية و مجهول من حيثية أخرى و لا استحالة فيه و بمثل هذا
الّذي ذكره القاضى استدل الامام الرازى على نفي العلم الاجمالى فى المحصل فقال
المعلوم على سبيل الجملة معلوم من وجه و مجهول من وجه و الوجهان متغايران و الوجه
المعلوم لا اجمال فيه و الوجه المجهول غير معلوم البتة لكن لما اجتمعا فى شيء
واحد ظن أن العلم الجملى نوع يغاير العلم التفصيلي و الجواب أن الاجمال و التفصيل
ليس حالهما على ما توهمه بل المعلوم فيهما واحد و المختلف هو العلم المتعلق بذلك
المعلوم فتارة يكون ذلك العلم في نفسه على وجه و أخري على وجه آخر كما تحققته فليس
الاجمال بأن يكون الشيء معلوما من وجه و مجهولا من آخر و اذا قلنا هذا الشيء
معلوم من حيث الاجمال دون التفصيل كانت الحيثيتان راجعتين الى العلم دون المعلوم و
بما قررناه يتضح أن الفرع الثانى أيضا فرع على ثبوت العلم الاجمالى كأنه قيل هل هو
من قبيل العلم بالشيء من وجه دون وجه أولا
المقصد الثامن [العلم بالفعل و بالقوة]
قال بعض المتكلمين الشيء قد يعلم بالفعل) و هو ظاهر (و قد يعلم
بالقوة كما اذا كان فى يد زيد اثنان فسألنا أزوج هو) أى ما في يده (أو فرد فانا
نعلم) في هذه الحالة (أن كل اثنين زوج و هذا) الّذي فى يده (اثنان) فى الواقع
فيكون مندرجا فيما علمناه (فنعلم) فى هذه الحالة (أنه زوج) علما (بالقوة القريبة)
من الفعل (و ان لم نكن نعلم أنه بعينه زوج و كذلك جميع الجزئيات) من الاحكام
(المندرجة تحت الكليات) منها فانها معلومة بالقوة (قبل أن نتنبه للاندراج) و أما
بعد التنبه له فانها تكون معلومة بالفعل (فالنتيجة) فى الشكل الاول (حاصلة فى احدى
المقدمتين) أعني كبراه حصولا (بالقوة) و لا شك أن كل مقدمة كلية صالحة لان تجعل
كبري للشكل الاول حتى يستخرج الاحكام الجزئية المندرجة فيها من القوة الى الفعل و
لذلك سميت تلك المقدمة أصلا و قاعدة
(حسن چلبي) (قوله و لا يشتبه عليك بما أسلفناه) اعتراض على القاضى و
ما أسلفه هو الذي ذكره فى الموقف الاول فى جواب استدلال الامام على امتناع جريان
الكسب فى التصورات