لفظ المكان على ما يمنع الشيء من النزول فيجعلون الارض مكانا
للحيوان دون الهواء المحيط به حتى لو وضعت الدرقة علي رأس قبة بمقدار درهم لم
يجعلوا مكانها الا القدر الّذي يمنعها من النزول
الاحتمال الاول
أنه أى المكان (السطح الباطن من الحاوى المماس للسطح الظاهر من
المحوى و هو مذهب ارسطاطاليس و عليه المتأخرون من الحكماء كابن سينا و الفارابى) و
اتباعهما (و الا) أي و ان لم يكن المكان السطح (لكان هو البعد لما مر) آنفا من أنه
لا يخرج عنهما (و انه) أي كونه بعدا (محال اما) البعد (المفروض فلما مر) من (أنه
موجود) بالوجوه الاربعة الدالة على ذلك (و اما) البعد (الموجود فلوجهين* الاول ان)
ذلك (البعد اما أن يقبل لذاته الحركة) الاينية (أولا) يقبلها (و القسمان باطلان
(قوله على ما يمنع الشيء من النزول) أي ما يستقر عليه الشيء و يقع
عليه اعتماده و النزول غير السقوط فلا يرد انه يلزم ان يكون الحبل الذي علق به
الحجر من رأسه مكانا له و كذا القوة القسرية المصعدة للحجر و ليس كذلك على ان
المقصود بيان الاطلاق لا التعريف الجامع المانع و الدرقة محركة ترس من الجلد ليس
فيه خشب و لا عصب [قوله إما ان يقبل لذاته الحركة] القبول قد يطلق بمعنى الامكان
كما يقال الماهية تقبل الوجود و العدم لذاته و هو المراد هاهنا اى البعد اما ان
يمكن له الحركة نظرا الي ذاته أو لا يمكن له نظرا الى ذاته و لا واسطة بين الشقين
و على الاول يلزم التسلسل و على الثاني يمنع اتصافه بالحركة فلا يرد انه ان أريد
بعدم قبوله اياها ان يكون ذاته مقتضيا لعدم القبول فالترديد غير حاصر لجواز ان لا
يكون مقتضيا للقبول و لا لعدمه و أن أريد به عدم اتصافه بالقبول نظرا الي ذاته فلا
نسلم لزوم امتناع قبول الجسم للحركة لجواز ان يكون البعد قابلا لها يتبع الجسم و
ان لم يكن قابلا لها بذاته
(قوله على ما يمنع الشيء من النزول) الاظهر ان يقول ما يعتمد عليه
الشيء و يمنعه من النزول اذ الاقتصار على الثاني يوهم أن يكون الحبل الّذي علق به
الحجر من رأسه مكانا له عند العامة و كذا القوة القسرية المصعدة للحجر و ليس كذلك
و اعلم ان جعل المكان عبارة عما ذكر خطأ عامى لانه يوجب أن لا يكون السهم النافذ
في الهواء و الطائر فيما بين السماء و الارض و كذا الحجر المتحرك بالقسر الى جهة
فوق في مكان اذ ليس لها في تلك الحالة موضع يمنعها من النزول و هو ممتنع فانا
نشاهد كلا منها متحركا و الحركة لا بد أن يكون عن شيء الى شيء و ما منه الانتقال
و إليه هو المكان كذا في الابكار (قوله حتى لو وضعت الدرقة) الدرقة ترس من الجلد
ليس فيه خشب و لا عصب (قوله بالوجوه الاربعة الدالة على ذلك) انما أسند الدلالة
إليها باعتبار انها منبهات على وجود المكان و الا فقد سبق ان المفيد لذلك هو الضرورة
العقلية