بالتأثير و أنت خبير بأن هذا الاتفاق انما هو بين الاشاعرة و أما
المعتزلى فربما خالفهم فى ذلك فالاولى أن يقال ان كثيرا من المسببات تعلم من
أسبابها و ليست عللا لها (و لا العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول) يعنى أن قولكم
العلم بالمدار وحده يقتضي العلم بالدائر فيكون علة له مبنى على أن ما لا يكون علة
لشيء لا يكون العلم به وحده مستلزما للعلم بذلك الشيء و قد أبطلناه و على أن
العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول و سنبين بطلانه في مسألة العالمية في تزييف دليل
الفلاسفة على كونه تعالى عالما بالكليات (الثالث الدوران لو لم يفد) كون المدار
علة للدائر و جاز معه أن يكون الدائر معللا بغير المدار (لجاز استناد المتحركية
الى) علة (غير الحركة) مع دوران الاولى على الثانية وجودا و عدما و ذلك فتح لباب
التشكيك في العلل و المعلولات (قلنا ان سلم التغاير) بين المتحركية و الحركة أى لا
تغاير بينهما عندنا فلا يتصور هناك دوران و علية و لئن سلمنا كما هو مذهب مثبتى
الاحوال (فلا نريد بالحركة الا ما يوجب المتحركية) فاذا قيل لنا جوزوا اسناد
المتحركية الى غير الحركة كان معناه جوزوا
(قوله يعنى ان قولكم الخ) أى ان ما قلتم انما تثبت العلية اذا كان ذلك
خاصة للعلة فيلزم من تحققه تحقق العلية و هو باطل لان كونه خاصة لها يتضمن حكمين
أحدهما أن لا يوجد في غير العلة و قد أبطلناه و الثاني أن يوجد فيها و سنبطله
فتدبر فانه قد غلط فيه بعض الناظرين و منع توقف العلية على المقدمة الثانية فقال
ان العلية انما تتوقف على أن ما يقتضي العلم به وحده العلم بشيء آخر علة لا ان كل
علة لشيء يقتضي العلم به العلم بذلك الشيء فان الموقوف على هذه المقدمة أن ما لا
يكون علة لشيء لا يكون العلم به وحده مستلزما للعلم بذلك الشيء و منشأ هذا الغلط
انه فهم ان المراد بقوله ان العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول ان كل علة لشيء
يقتضي العلم به وحده العلم بذلك الشيء
(قوله و على ان العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول) فيه بحث و هو ان
المبنى على هذه المقدمة جزء آخر للمدعي و هو ان العلم بغير المدار لا يستلزم العلم
بالدائر فلا يكون علة له و أما الجزء الّذي ذكره الشارح و هو ان العلم بالمدار
وحده يقتضي العلم بالدائر فيكون علة له فلا يبتنى على هذه المقدمة فان الّذي يتوقف
هذا الجزء عليه هو ان كل ما يقتضي العلم به العلم بشيء آخر فهو علة لذلك الآخر لا
ان كل علة لشيء يقتضي العلم به علم ذلك الشيء و يمكن أن يجاب بان وحده فى قوله
العلم بالمدار وحده يقتضي العلم بالدائر حال من ضمير يقتضي و الاقتضاء اذا كان
مختصا بالمدار يلزم أن لا يعلم الدائر عندنا ما لم يعلم المدار فهذا القول يتضمن
كلا جزئي المدعى المركب و يؤيده تفريع قوله فيكون علة على مجرد ما ذكره مع انه في
كلام المستدل متفرع على مجموع المقدمتين فاندفع البحث المذكور فتأمل