responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح المقاصد نویسنده : التفتازاني، سعد الدين    جلد : 5  صفحه : 7

الأنبياء، فيجب على اللّه تعالى عند المعتزلة لكونه لطفا و صلاحا للعباد، و عند الفلاسفة لكونه سببا للخير العام المستحيل تركه في الحكمة [1] و العناية الإلهية، و إلى هذا ذهب جمع من المتكلمين بما وراء النهي، و قالوا: إنها من مقتضيات حكمة الباري (عز و جل) فيستحيل ان لا يوجد لاستحالة السفه عليه. كما أن ما علم اللّه وقوعه يجب أن يقع لاستحالة الجهل عليه، ثم طولوا في ذلك و عولوا على ضروب من الاستدلال مرجعها إلى ما ذكرنا من لزوم السفه و العبث كما في خلق الأغذية، و الأدوية التي لا تتميز عن السموم المهلكة إلا بتجارب لا يتجاسر عليها العقلاء، و لا يفي بها الأعمار، و خلق الأبدان التي ليس لها بدون الغذاء إلا الفناء، و خلق نوع الإنسان المفتقر في البقاء إلى اجتماع لا ينتظم بدون بعثة الأنبياء، و كخلق العقل المائل إلى المحاسن، النافر عن القبائح، الجازم بأن شرفه و كماله في العلم بتفاصيل ذلك، و العمل بمقتضياتها من الامتثال و الاجتناب، و أنه لا يستقل بجميع ذلك على التفصيل، بل يفتقر إلى بيان ممن أوجدها و دعا إلى الإتيان بالبعض منها، و الانتهاء عن البعض كالمجمل من الخطاب، فإن خلق العقل مائلا إلى المحاسن، نافرا عن القبائح بمنزلة الخطاب في كونه دليلا على الأمر و النهي اللذين هما من الصفات القائمة بذاته تعالى، إذ لا معنى لهما سوى الدعوة إلى المباشرة و الامتناع، و كما في جعل بعض الأفعال بحيث قد يحمد عاقبته، فيجب.

و قد يذم، فيحرم، كالصوم مثلا، فلو لم يكن له بيان من الشارع لكان في ذلك إباحة ترك الواجب، و إباحة مباشرة المحظور و هو خارج عن الحكمة، فظهر بهذه الوجوه، و أمثالها أنه لا بد من النبي البتة [2]، و لهذا كان في كل عصر للعقلاء نبي أو من يخلفه في إقامة الدليل السمعي، و كان الغالب على المتمسكين بالشرائع سلوك‌


[1] الحكمة: علم يبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي عليه في الوجود بقدر الطاقة البشرية فهي علم نظري غير آلي، و الحكمة أيضا هي هيئة القوة العقلية العلمية المتوسطة بين الغريزة التي هي إفراط هذه القوة، و البلادة التي هي تفريطها. و الحكمة: تجي‌ء على ثلاثة معان. الأول الإيجاد، و الثاني العلم. و الثالث الأفعال المثلثة كالشمس و القمر و غيرهما و قد فسر ابن عباس- رضي اللّه عنهما الحكمة في القرآن بتعلم الحلال و الحرام، و قيل: الحكمة فى اللغة: العلم مع العمل و قيل الحكمة يستفاد منها ما هو الحق في نفس الأمر بحسب طاقة الإنسان، و قيل كل كلام وافق الحق فهو حكمة.

[2] قال تعالى: وَ لَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ‌ و قال تعالى: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا.

نام کتاب : شرح المقاصد نویسنده : التفتازاني، سعد الدين    جلد : 5  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست