قال الإمام الغزالي[1] (رحمة
اللّه تعالى عليه): حقيقة الفضل ما هو عند اللّه، و ذلك مما لا يطلع عليه إلا رسول
اللّه. و قد ورد في الثناء عليهم أخبار كثيرة، و لا يدرك دقائق الفضل و الترتيب
فيه إلا المشاهدون للوحي و التنزيل بقرائن الأحوال.
فلو لا فهم ذلك، لما رتبوا الأمر كذلك إذ كان لا تأخذهم في اللّه
لومة لائم، و لا يصرفهم عن الحق صارف، و أما فيمن عداهم فقد و رد النص بأن فاطمة
سيدة نساء أهل الجنة، و أن الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة، و أن أهل بيعة
الرضوان الذين بايعوه تحت الشجرة، و من شهد بدرا و أحدا و الحديبية من أهل الجنة،
و حديث بشارة العشرة بالجنة مشهور، يكاد يلحق بالمتواترات و هم: أبو بكر، و عمر، و
عثمان، و علي، و طلحة، و الزبير، و عبد الرحمن بن عوف، و سعد بن أبي وقاص، و سعيد
بن زيد، و أبو عبيدة بن الجراح. و أما إجمالا فقد تطابق الكتاب و السنة، و الإجماع
على أن الفضل للعلم و التقوى. قال اللّه تعالى:إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ[2].
و قال اللّه تعالى:قُلْ هَلْ
يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ[3].
و قال اللّه تعالى:يَرْفَعِ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ[4].
و قال النبي (صلى اللّه عليه و سلّم): «الناسسواسية كأسنان المشط، لا
فضل لعربي على عجمي، إنما الفضل بالتقوى».
و قال (عليه السلام): «إنفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب». و
إن العلماء ورثة الأنبياء.
[1]هو محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو
حامد، حجة الإسلام فيلسوف، متصوف، له نحو مائتي مصنف ولد عام 450 و توفي عام 505 ه
رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر، و عاد إلى بلدته من كتبه:
إحياء علوم الدين، و تهافت الفلاسفة، و الاقتصاد في الاعتقاد، و معارج القدس و غير
ذلك كثير. راجع وفيات الأعيان 1: 463 و طبقات الشافعية 4: 101 و شذرات الذهب 4:
10.