اهتدى ببركة أبي بكر و يمن دعوته، و حسن تدبيره أقل من الخير في قتل
من قتله علي (رضي اللّه تعالى عنه) من الكفار، بل لعل ذلك أدخل في نصرة الإسلام و
تكثير أمة النبي (صلى اللّه عليه و سلّم):
و أما حديث زهدهما في الدنيا، فغني عن البيان. و أما السابق إسلاما،
فقيل:
علي و قيل: زيد بن حارثة[1]و
قيل: خديجة. و قيل: أبو بكر، و عليه الأكثرون، على ما صرح به حسان بن ثابت في شعر
أنشده على رءوس الأشهاد، و لم ينكر عليه أحد.
و قيل: أول من آمن به من النساء خديجة (رضي اللّه تعالى عنها) و من
الصبيان علي (رضي اللّه تعالى عنه) و من العبيد زيد بن حارثة، و من الرجال الأحرار
أبو بكر (رضي اللّه تعالى عنه) و به اقتدى جمع من العظماء كعثمان، و الزبير، و
طلحة، و عبد الرحمن بن عوف، و سعد بن أبي وقاص، و أبي عبيدة بن الجراح و غيرهم.
و الإنصاف أن مساعي أبي بكر و عمر في الإسلام أمرا على الشأن، جلي
البرهان، غني عن البيان.
قال: و أما بعدهم و أما بعدهم فقد ثبت أن فاطمة الزهراء سيدة نساء
العالمين، و أن الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة و أن العشرة الذين منهم الأئمة
الأربعة مبشرون بالجنة، ثم الفضل بالعلم و التقوى، و إنما اعتبار النسب في الكفاءة
لأمر يعود إلى الدنيا، و فضل العترة الطاهرة بكونهم أعلام الهداية و أشياع الرسالة
على ما يشير إليه ضمهم إلى كتاب اللّه في انفاد التمسك بهما عن الضلالة).
ما ذكر من أفضلية بعض الأفراد بحسب التعيين أمر ذهب إليه الأئمة، و
قامت عليه الأدلة.
[1]هو زيد بن حارثة بن شراحيل، صحابي
اختطف في الجاهلية صغيرا، و اشترته خديجة بنت خويلد فوهبته إلى النبي- صلى اللّه
عليه و سلّم- فتبناه النبي- قبل الإسلام- و أعتقه و زوجه بنت عمته، و استمر الناس
يسمونه «زيد
بن محمد» حتى نزلت آيةادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْو هو من أقدم الصحابة إسلاما،
و كان النبي- صلى اللّه عليه و سلّم لا يبعثه في سرية إلا أمره عليها، و كان يحبه
و يقدمه، و جعل له الإمارة في غزوة موتة توفي عام 8 ه راجع الإصابة 1: 563، و صفة
الصفوة 1: 147 و خزانة البغدادي 1: 363 و ابن النديم في ترجمة هشام الكلبي و الروض
الأنف 1: 164.