إخبار و إعلام بما ثبت، و محصوله أنه يعتبر القول فيه إنشاء لا
إخبارا. و أما لو تم لنا نفي الكذب عنه بغير خبر النبي على ما سبق فلا إشكال.
قال:خاتمة
(طريق إثبات النبوة على الإطلاق على المنكرين هو المعجزة لا غير، و
هذا لا ينافي خلق العلم الضروري بها، أو ثبوتها بإخبار من نبي آخر أو كتاب).
لا خفاء في ثبوت النبوة بخلق العلم الضروري، كعلم الصديق (رضي اللّه
عنه)، و بخبر من ثبتت عصمته عن الكذب كنصوص التوراة و الإنجيل في نبوة نبينا (عليه
السلام)، و كإخبار موسى (عليه السلام) بنبوة هارون و كالب و يوشع (عليهم السلام)
فيما ذكر إمام الحرمين من أنه لا يمكن نصب دليل على النبوة سوى المعجزة، لأن ما
يقدر دليلا إن لم يكن خارقا للعادة، أو كان خارقا، و لم يكن مقرونا بالدعوة، لم
يصلح دليلا للاتفاق على جواز وقوع الخوارق من اللّه تعالى ابتداء محمول على ما
يصلح دليلا للنبوة على الإطلاق، و حجة على المنكرين بالنسبة إلى كل نبي، حتى الذي
لا نبي قبله، و لا كتاب. و أمّا ما سيأتي من الاستدلال على نبوة محمد (صلى اللّه
عليه و سلّم) بما شاع من أخلاقه و أحواله فعائد إلى المعجزة على ما نبين إن شاء
اللّه تعالى.
[المبحث الثالث فى الاحتياج الى النبي و الشريعة]
قال:المبحث الثالث: (قال الحكماء: إن الإنسان يحتاج في تعيشه إلى اجتماع مع بني نوعه، و
تشارك لا يتم إلا بمعاملات و معاوضات تفتقر إلى قانون متفق عليه يقرره على ما
ينبغي من تميز عن الآخرين بخصوصية من قبل خالق الكل، و آيات تقتضي الإقرار به، و
الانقياد له، و هي بحسب القوة الإنسانية الاطلاع على المغيبات لاتصال النفس بعالم
الغيب، و بحسب القوة الحيوانية باعتبار الحركات ظهور أفعال يعجز عن امثالها
أمثاله، كحدوث رياح و زلازل و حرق و غرق و هلاك أشخاص ظالمة و مدن فاسدة، و نحو
ذلك، لاختصاص النفس بقوة التصرف فيما عدا بدنها من الأجسام، و باعتبار السكنات
الإمساك عن القوت مدة غير معتادة لانجذاب النفس إلى عالم القدس و استتباعها القوة
الغاذية و خوادمها و من هاهنا جاز أن تتمثل لقوته المتخيلة الكاملة العقول المجردة
و النفوس السماوية، سيما العقل الفعال الذي له زيادة