(أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي و عدم المعارضة، و قيل: أمر قصد به
إظهار صدق من ادعى النبوة و الرسالة، و زاد بعضهم قيد موافقة الدعوى.
و بعضهم مقارنة زمن التكليف إذ عند انقراضه تظهر الخوارق، لا لقصد
التصديق).
مأخوذ من العجز المقابل للقدرة، و حقيقة الإعجاز إثبات العجز استعير لإظهاره،
ثم أسند مجازا إلى ما هو سبب العجز، و جعل اسما له، فالتاء للنقل من الوصفية إلى
الاسمية، كما في الحقيقة و قيل للمبالغة كما في العلامة. و ذكر إمام الحرمين بناء
على رأي الأشعري[1]أن هاهنا تجوزا آخر، هو استعمال العجز في عدم القدرة كالجهل في عدم
العلم، و هو في الحقيقة ضد للقدرة، و إنما يتعلق بالموجود، و بما يقدر عليه، حتى
إن عجز الزمن إنما هو عن القعود، بمعنى أنه وجد منه اضطرارا لا اختيارا. فلو تحقق
العجز عن المعارضة، لوجبت المعارضة الاضطرارية، و المعجزة في العرف أمر خارق
للعادة، مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة، و إنما قال: أمر ليتناول الفعل كانفجار
الماء من بين الأصابع و عدمه، كعدم إحراق النار، و من اقتصر على الفعل، جعل المعجز
هاهنا كون الناربَرْداً وَ سَلاماً[2]و
بقاء الجسم على ما كان عليه من غير احتراق، و احترز بقيد المقارنة للتحدي عن
كرامات الأولياء و العلامات الإرهاصية التي تتقدم بعثة الأنبياء، و عن أن يتخذ
الكاذب معجزة من مضى من الأنبياء حجة لنفسه، و بقيد عدم المعارضة عن السحر و
الشعبذة، كذا ذكره الإمام الرازي[3]، و فيه نظر:
[3]هو محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين
أبو عبد اللّه، فخر الدين الرازي، الإمام المفسر، أوحد زمانه في المعقول و المنقول
و علوم الأوائل، و هو قرشي النسب أصله من طبرستان و مولده في الرى عام 544 ه- و
يقال له «ابنخطيب الري» رحل إلى خوارزم و ما وراء النهر و خراسان و توفي في
هراه-